للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد زوقت الكعبة بعد حريق -زوق سقفها وجدرانها من بطنها ودعائمها، وجعلت في دعائمها، وجعلت في دعائمها صور الأنبياء وصور الشجر، وصور الملائكة؛ فكان فيها صورة "إبراهيم خليل الرحمن" شيخ يستقسم بالأزلام، وصورة "عيسى بن مريم" وأمه، وصورة الملائكة عليهم السلام أجمعين؛ فلما كان يوم فتح مكة: دخل رسول الله البيت؛ فأرسل الفضل بن العباس بن عبد المطلب فجاء بماء زمزم؛ ثم أمر بثوب فيبل بالماء، وأمر بطمس تلك الصور فطمست؛ ووضع كفيه على صورة عيسى "ابن مريم" وأمه عليهما السلام، وقال: امح جميع الصور إلا ما تحت يدي؛ فرفع يديه عن "عيسى بن مريم" وأمه، ونظر إلى صورة إبراهيم فقال: قاتلهم الله، جعلوه يستقسم بالأزلام، وما لإبراهيم والأزلام١.

لقد ذهب يولهوزن: إلى أن قدسية البيت عند أهل الجاهلية لم تكن بسبب الأصنام التي فيه، بل كانت بسبب هذا الحجر.

لقد كان هذا الحجر مقدسا في ذاته، وهو الذي جلب القدسية للبيت فصار البيت نفسه مقدسا في حد ذاته بحجره هذا الذي هو فيه، ولعله شهاب نيزك، أو جزء من معبود مقدس قديم.

وقد ذهب بعض المستشرقين: إلى أن البيت لم يكن إلا بمثابة إطار للحجر الأسود، الذي كان من أهم معبودات قريش؛ لأنه يمثل بقايا حجر قديم كان مقدسًا عند قدماء الجاهليين؛ غير أنه لم يكن معبود قريش الوحيد٢.

الكسوة:

وذكر أن أول من كسا البيت الحرير: "نتيلة بنت ناب بن كليب"، وهي من بني عامر المعروف بالضحيان، وكان من ملوك ربيعة، وكان العباس بن عبد المطلب ابنها قد ضاع وهو صغير، فنذرت أمه إن وجدته أن تكسو البيت الحرير فكسته، فهي أول من كساه ذلك.


١ المفصل جـ٦ ص٤٣٥، ص٤٣٦.
٢ السابق جـ٦ ص٤٣٧.

<<  <   >  >>