للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء في رواية: أن الحمس كانوا يقولون: نحن أهل الحرم، فلا ينبغي لأحد من العرب أن يطوف إلا في ثيابنا، ولا يأكل إذا دخل أرضنا إلا من طعامنا١.

وللجاحظ ملاحظات قيمة عن قريش لها صلة بالتحمس، وقد تفسر لنا معنى: "التحمس"، وسبب شموله أناسًا هم من غير قريش.

ذكر: أن الإسلام لَمَّا ظهر لم تكن هنالك أية امرأة قرشية كانت مسبية عند غير قريش؛

ولم تكن هنالك أية امرأة مسبية في أيدي القبائل وأمها من قريش.

ويذكر أيضا: أن قريشا لم تكن تزوج بناتها من أبناء أشراف القبائل حتى تشترط عليهم أن من تلد منهن فيكون من يلدن من الحمس، أما هم فكانوا إذا تزوجوا من بنات قبائل أخرى؛ فإنهم لم يشترطوا على أنفسهم أي شرط.

وكان من هذه القبائل: عامر بن صعصعة، وثقيف، وخزاعة، والحارث بن كعب؛ وكانوا ديانين، وكانوا على دين قريش في أمورها؛ وكانت قريش كريمة، ولم ترض بالغارات، والغزو ولا بالظلم، ولم تقبل بالوأد، ولا بالدخول بمن يقع في أيديهم أسرى من النساء، وكان من فضائلهم: أن منَّ الله عليهم بالإيلاف؛ فأغناهم وجعلهم "لقاحًا" فلم يخضعوا لملك، ولم يستبعدهم سلطان أجنبي، ولم يدفعوا أي شيء عنهم لملك من الملوك؛ بل كانت الملوك تأتي إلى مكة، وتعظم البيت، وتحرم سكانه؛ وهم قريش "الحمس"٢.

الطلس:

أما "الطلس" فقد وصفهم محمد بن حبيب بقوله: إنهم بين الحلة والحمس، يصنعون في إحرامهم ما يصنع الحلة، ويصنعون في ثيابهم ودخولهم البيت ما يصنع الحمس.

وكانوا لا يتعرون حول الكعبة، ولا يستعيرون ثيابا، ويدخلون البيوت من أبوابها، وكانوا لا يئدون بناتهم، وكانوا يقفون مع الحلة، ويصنعون ما يصنعون؛ وهم سائر أهل اليمن وأهل حضرموت، وعجيب، وإياد بن نزار٣.


١ المفصل جـ٦ ص٣٥٧، ٣٥٩، تفسير الطبري جـ٢. ص١٧٠، القرطبي جـ١، ص١١٤.
٢ المفصل جـ٦ ص٣٦٥.
٣ السابق جـ٦ ص٣٧٣.

<<  <   >  >>