للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفرق بين الكهانة والسحر؛ أن الكهانة تنبؤ فسند الكاهن هو كلامه، الذي يذكره للناس، أما السحر فإنه عمل في الأكثر؛ للتأثير في الأرواح؛ كي تقوم بأداء ما طلب منها، ولا يمكن صنع سحر ما لم يقترن بعمل، ويصحب هذا العمل كلام مفهوم أو غير مفهوم، وإشارات يدعى الساحر أنه إنما يقوم به، وبالإشارات؛ لتسخير الأرواح، وإن ما يفعله مفهوم عند جنوده، وهم: الجن والشياطين.

ومن طرق السحر عند الجاهليين: "النفث في العقد"، وقد دلت عليه الآية الكريمة: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَد} ١، ويكون ذلك بعقد عقد، والنفث عليها٢.

وأما الكهان من العرب: فأتتهم به الشياطين من الجن فيما تسترق من السمع إذا كانت وهي لا تحجب عن ذلك بالقذف من النجوم، وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يسمع منهما بعض أموره ولكن لا تلقي العرب لذلك فيه بالا.

و السحر:

من صفات اليهود وليس من صفات العرب.

قال الراغب٢: السحر يطلق على معانٍ:

١- أحدهما: ما لطف ودق، منه سحرت الصبي خادعته واستملته، ومنه: إطلاق الشعراء يسحرون العيون؛ لاستمالتها النفوس، ومنه قول الأدباء: الطبيعة ساحرة.

٢- الثاني: ما يقع بخداع وتخيلات لا حقيقة لها نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، وإلى ذلك أشار قوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} ٣، وقوله: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاس} ٤.

٣- الثالث: ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم وإلى ذلك أشار قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْر} ٥.

٤- الرابع: ما يحصل بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانيتها بزعمهم:

والسحر يطلق ويراد به:


١ سورة الفلق: ٤.
٢ المفصل جـ٦ ص٧٤٠، ص٧٤١، ص٧٤٣، أسباب النزول ص٣٤٦.
٣ سورة طه: ٦٦.
٤ سورة الأعراف: ١٦٦.
٥ سورة البقرة: ١٠٢.

<<  <   >  >>