للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عرف أهل الأخبار: الأزلام؛ أنها السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها؛ وعرفوا "الزلم" أنه السهم؛ وأنه القدح المزلم.

وذكر بعض آخر: أن الأزلام سهام كانت لأهل الجاهلية، مكتوب على بعضها "أمرني ربي"، وعلى بعضها نهاني ربي؛ فإذا أراد الرجل سفرا أو أمرا ضرب تلك القداح؛ فإن خرج السهم الذي عليه أمرني ربي مضى لحاجته؛ وإن خرج الذي عليه "نهاني ربي" لم يمض في أمره١، وطريقة الضرب أن الرجل منهم إذا أراد أن يخرج مسافرا كتب في قدح هذا يأمرني بالمكث، وهذا يأمرني بالخروج وجعل معهما أزلاما مسحة لم يكتب فيها شيئا؛ ثم استقسم بها حين يريد الخروج؛ فإن خرج الذي يأمر بالمكث مكث؛ وإن خرج الذي يأمر بالخروج خرج، وإن خرج الآخر أي المسح أجالها ثانية حتى يخرج أحد القدحين؛ وجاء في سورة المائدة: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} ٢، وذلك مع أمور نهى عنها الإسلام؛ منها تحريم أكل الميتة، والدم ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، والمنخنقة ... إلخ ما جاء في الآية.

وجاء ذكر الأزلام في موضع آخر: مع ذكر الخمر، والميسر والأنصاب، والأزلام حيث جعلت رجسا من عمل الشيطان لذلك على المسلم اجتنابها والابتعاد عنها.

فالاستقسام بالأزلام من الأمور التي نزل الأمر بالنهي عنها في الإسلام، وقد جاء الأمر بالنهي عنها في شريعة "يهود" كذلك؛ إذ اعتبرت رجسا ومن أعمال الوثنيين.

والأزلام: كانت لقريش في الجاهلية، مكتوب عليها: أمر، نهي، وافعل ولا تفعل، وقد زلمت وسويت ووضعت في الكعبة، يقوم بها سدنة البيت؛ فإذا أراد رجل سفرًا، أو نكاحًا: أتى السادن، فقال: أخرج لي زلما فيخرجه، وينظر إليه؛ فإذا خرج


١ المفصل جـ٦ ص٧٧٦.
٢ سورة المائدة آية ٣.

<<  <   >  >>