المعتقدات يتسع لنا المجال لاستنباط أحاسيسه الداخلية وتقدير طموحه في حياته العامة.
ومن الناحية الدينية تفسر لنا أثر المعتقد على الإنسان لما لها من معنى مقدس في نفس العربي الذي لا يجد متسعًا لمخالفتها فينكرها، ومظهر تقديسها يظهر في أنه تصورها على هيئة قوى روحية على شكل طيور؛ ليتناسب طيرانها مع صحرائه -ولها قدرة الإيحاء إليه أمرا أو نهيا مع التزامه بطاعتها في كلا الحالين.
وفي هذا رؤية رمزية للكون تتناسب مع فكر لما يزل في دور الطفولة ملازما فكرة التشاؤم والتفاؤل من إحساس العربي بتأثيرهما عليه ومن نظرية انقسام الروح إلى خيرة وشريرة أي بعضها يختص بالخير وبعضها يختص بالشر.
يمنح العربي هذا كله معنى المعرفة يستوحي منها مظان الخير في مستقبل حياته. وليست فكرة الخير لديه -كما نتصور- رفيعة في معناها ولكنها فكرة رديئة رداءة رمزها؛ فهو يرى في قول الهامة: اسقوني من دم قاتلي دعوة خير بينما العامة وقولها يتشابهان في الرداءة، لكنها مع ذلك هي من دلائل الخير عن العربي صاحب الثأر.
ولعل الذي جعل فكرته عن الخلود باهتة الألوان ما كابده من شظف العيش وما يمسه في حياته من لغوب ومن جفاف في صحرائه لعل في ذلك مقنعا للعربي في عدم خلق أساطير يرمز بها إلى البحث عن فكرة الخلود، وكيف يبحث خلوده وربما يكون مكان بحثه لا يبعد عن صحرائه أو يناظرها في القسوة والجفاف. على أي حال كانت كل معتقداته الرمزية تنبئ عن معنى خوفه:
-خوفه من العار: فقد وأد البنات وثأر.
- خوفه من خسارة في رحلته التجارية: لجأ إلى التطير.
فصفة الخوف من المستقبل هي الغالبة على الروح العربية، لذلك نرى شجاعة العربي فورة حماسية أو نزوة عصبية تشعلها كلمة وتطفئها أخرى.