فشجاعة الخوف: نوع من توترات عصبية من غير تركيز منه على الهدف وقيمته.
ومن هنا كانت فكرته العقلية عن الأشياء غير مركزة وغير ثابتة، وقد يضل عن مضمونها إن فاوض أو ناقش، وقد يتسرب معها في مساربها دون وعي منه يميز به بين ما هو ضروري وأساسي في القضية المطروحة وما هو فيها من باب الطرافة، وقد يصرفه عن مناقشة القضية كلمة عابرة يقولها رجل خبيث ذكي دون أن يفطن هو إلى خبثه، وقد يصرفه بها عن مناقشة القضية دون أن يلتفت إلى حقيقة الدور الذي حوله، وقد يصرفه بها عن مناقشة تنتهي إلى جانب العربي فسيثأر العربي لينهي بنفسه دوره ثم أخيرا يتحمل مسئولية عمله بينما هو مدفوع إليه.
وفي النهاية: نرى أن الأوهام والعقائد الشعبية وأعمال السحر -التي كانت المركز الأساسي لدائرتهم الثقافية -كانت تعمل دائما على قهرهم إذا حاولوا فهم وجودهم أو تغيير علاقاتهم الاجتماعية من مستواها القبلي إلى مستوى إنساني.
فلما جاء الإسلام عصف بتلك الروح وأحل فيهم روحه العامرة بالحياة. وكان من أرفع ما قدمه الإسلام أن ربط كتابه بالعقل الإنساني، وأزال ما يعوق تفاهمه مع العقل وكان أهم ما يعوق رحلة التفاهم بينه وبين الدين وجود طبقة دينية أكليريكية ترى في نفسها امتيازا دينيا يؤهلها للوصاية على لغة التفاهم بين العقل والقرآن.
"وقد دمغ القرآن بالشرك أولئك الذين أعطوا سلطة التشريع المطلق لبعض البشر من رجال الأديان الذين بدلوا كلمات الله، وغيروا شرع الله فأحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله افتراء على الله.
وفي هذا يقول في شأن أهل الكتاب:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[سورة التوبة الآية ٣١] .
اعتبر القرآن: هؤلاء الأحبار والرهبان أربابا وآلهة معبودين من دون الله وما كانت عبادتهم إلا طاعتهم في إحلال ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، أي إعطائهم