للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حق التشريع فيما لم يأذن به الله تعالى كما فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم الطائي.

فقد كان عدي تنصر في الجاهلية فلما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم -وهو يقرأ هذه الآية من سورة التوبة: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال: يا رسول الله: ما كنا نعبدهم؛ "كأنه حصر مفهوم العبادة في الركوع والسجود والصلاة ونحوها"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألم يكونوا يحلون لكم الحرام فتحلونه، ويحرمون عليكم الحلال فتحرمونه"، قال: بلى، قال: "فتلك عبادتكم إياهم" ١.

فكان موقف القرآن من الطبقة الإكليريكية واضحًا وفيه حزم؛ لأن وجود مثل هذه الطبقة يعمل دائمًا على شلِّ العقل عن وظيفته وتغيير مفهوم المقدس، وهو ما عناه الرسول بقوله: "ألم يكونوا يحلون لكم الحرام فتحلونه ويحرمون عليكم الحلال فتحرموه؟ " قال: بلى، قال الرسول: "فتلك عبادتكم إياهم".

أما بعد:

ففي القرآن ثلاث آيات متفرقات في سور مدنية تناولت موضوعًا واحدًا هو: الحياة الاعتقادية السائدة في العالم إبان ظهور الإسلام من خلال مستوى مذاهبهم الدينية كما فصلنا القول من قبل.

الآية الأولى من سورة البقرة آية ٦٢ يقول الله فيها:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} .

والآية الثانية: من سورة المائدة آية ٦٩ يقول الله فيها:


١ الخصائص للعامة للإسلام. د. يوسف القرضاوي.

<<  <   >  >>