للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإنسان مع التراث المقدس بين أمرين:

- لأنه إما مؤمن.

- وإما غير مؤمن.

فنلمس هنا أننا أمام أمرين: إما وإما، أي أننا في حرية من حيث الاعتقاد في التراث المقدس، ولكن حرية الاعتقاد مقرونة بالتخويف والوعيد وسوء العاقبة والطرد من رحمة الله.

فعدم الإيمان على المستوى النفسي: يؤدي إلى تهويش في الرؤية نحو غد الآخرة، هذا من حيث مستوى الإنسان النفسي.

ومن ناحية عضويته في الهيئة الاجتماعية: نراه -أيضا- مهددا بالطرد منها، وغير مشهود له بالعدالة، وقد تنادي بعض طبقات الهيئة الاجتماعية بحل دمه، فلا رفق ولا لين -من ناحية الهيئة الاجتماعية- مع مريض الإيمان؛ لأن هذا المرض الذي يلم بصاحبه تنتشر عدواه في المجتمع، وهو من الأمراض الخبيثة التي يرى المجتمع أنه يجب عليه مكافحتها، ويحجر على من في قلوبهم زيغ مخافة الفتنة، هذا من ناحية عضويته في الهيئة الاجتماعية.

أما من حيث صلته بتراثه التاريخي: فهو بموقفه الرافض للإيمان يشق عصا طاعة تراثه، وتلك وصمات سياط قاسية يتعرض لها من يزور عن الإيمان ويجاهر بازوراره.

ونرى حالات شتى لمن توقفوا بين الإيمان وعدمه؛ فنرى منهم من التزم الصمت بعدم المجاهرة مع دأبه في البحث والمطالعة مثل: الإمام الغزالي، الذي قال واصفا حاله -عندما انتابته هذه الحالة- حالة تهديد إيمانه الراسخ- "مكث على هذه الحالة قرابة شهرين بحكم الحال لا بحكم النطق والمقال" أي أنه ظل صامتا دأبه على البحث عن جسر الحقيقة، ثم انتهى بعد مرحلة صمته إلى نتائجه الإيمانية التي ربطته بالهيئة الاجتماعية وبعقيدته وتراثه التاريخي، وجعلته عن جدارة يُوصف بحجة الإسلام.

ويبدو أن الغزالي كان يرى وصفه بذلك اللقب حقا في نفسه، وذلك عندما قال في كتابه "المنقذ" لما رأى حالته وما هو عليه من قلق في حله وترحاله قال: وارتبك الناس في الاستنباطات وقالوا: عين أصابت أهل الإسلام.

<<  <   >  >>