وإذا تأملنا المنادى في الأمثلة المتقدمة، وجدناه يقع على أحوال خمس: فهو في الطائفة الأولى مضاف إلى اسم بعده، وفي الطائفة الثانية متصل بشيء من تمام معناه كما يتصل المضاف بالمضاف إليه، ولذلك يسمى شبيها بالمضاف، فإننا إذا قلنا مثلا:"يا مسافرًا" وسكتنا لم يتبين للسامع المعنى كاملا؛ لأن السفر قد يكون إلى بقاع شتى، فإذا قلنا:"إلى لبنان" فقد أتممنا المعنى وخصصناه كما يخصص المضاف بالمضاف إليه؛ وهو في الطائفة الثالثة نكرة غير مقصودة، أما أنه نكرة فلأنه لا يفهم منه معين، وأما أنها غير مقصودة فلأننا حين نقول:"يا مسرعا في العجلة الندامة" مثلا، لا نوجه الخطاب إلى إنسان خاص، ولا نقصد به واحدا دون آخر، وإنما نلقي النصح عاما لكل من ينتفع به، أما في الطائفة الرابعة فالمنادى نكرة مقصودة؛ لأن المتكلم حين يقول:"يا رجال أتقنوا أعمالكم" يقصد رجالا مخصوصين يوجه إليهم خطابه، وأما في الطائفة الخامسة فالمنادى علم مفرد: أي غير مضاف، وغير شبيه بالمضاف.
وإذا تأملت أواخر المنادى في جميع الأَحْوالِ السابقة، وجدته في الأحوال الثلاث الأولى منصوبا دائما، وفي الحالتين مبنيًّا على ما يرفع به: فإن كان قبل النداء يرفع بالضمة بني على الضم، وإن كان يرفع بالألف لأنه مثنى بني على الألف، وإن كان يرفع بالواو لأنه جمع مذكر سالمٌ بُني على الواو، كما هو واضح في الأمثلة.