كان هارون الرشيد فصيحاً كريماً، هُمَاما وَرِعا يَحُجُّ سنة وَيَغْزُو سنة، وكان أديباً فطناً، حافظاً للقرآن، كثيرَ العِلم بمعانيه، سليم الذوق، صحيح التمييز، جريئاً في الحق، مَهِيبا عند الخاصة والعامة، وكان طَلْقَ المحَيَّا، يُحب الشعراء ويُعطِيهم العطاء الجزِيل ويُدْنِي منه أهل الأدب والدين، ويتواضع للعلماء.
وقد استَوْزَرَ يحيى بن خالد بن بَرْمَكَ، وكان يحيى هذا كاتباً بليغاً، سديد الرأي، حَسَن التدبير، قويًّا على الأمور؛ فنهض بأعباء الدولة أتم نهوض، وسَدَّ الثغور، وجَبَى الأموال، وعَمَر الأطراف، حتى صارت الدولة بفضل وزارته من أحسن الدول, وأكثرها خيراً.