قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من سره أن يستجيب اللَّه له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء». رواه الترمذي [وحسنه الألباني].
(قوله: الكرب) بضم الكاف وفتح الراء جمع كربة، وهي ما يأخذ النفس من الغم. (قوله: فليكثر الدعاء في الرخاء) أي في حال الصحة والرفاهية والأمن من المخاوف. والسلامة من المحن: قال الحلبي: المراد بهذا الدعاء في الرخاء هو دعاء الشفاء والشكر والاعتراف بالمنن، وسؤال التوفيق والمعونة، والتأييد والاستغفار لعوارض التقصير.
٥ - قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما من مسلم يدعو اللَّه بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه اللَّه بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يرفع عنه من السوء مثلها». أخرجه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة، وأخرجه أيضًا الحاكم وقال: صحيح الإسناد. اهـ من «تحفة الذاكرين».
أحاديث أخرى في فضل الدعاء:
٦ - وقريبًا من الحديث السابق رقم (٥) ما رواه الترمذي عن عبادة بن الصامت رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما على الأرض مسلم يدعو اللَّه تعالى بدعوة إلا آتاه اللَّه إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بمأثم أو قطيعة رحم». فقال رجل من القوم: إذًا نكثر؟ قال: اللَّه أكثر.
(حسن صحيح) انظر «صحيح سنن الترمذي».
جاء في «تحفة الأحوذي» للمباركفوري رحمه اللَّه تعالى (جـ ١٠ ص ٢٠):
قوله:«إلا آتاه اللَّه إياها» أي: تلك الدعوة، وفي حديث جابر:«ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه اللَّه ما سأل»«أو صرف» أي دفع «عنه» أي عن الداعي «من السوء» أي البلاء النازل أو غيره في أمر دينه أو دنياه أو بدنه «مثلها» أي مثل تلك الدعوة كمية وكيفية إن لم يقدَّر له وقوعه في الدنيا «ما لم يدع بمأثم» المأثم الأمر الذي يأثم به الإنسان أو هو الإثم نفسه ووقع في بعض النسخ بإثم «أو قطيعة رحم» تخصيص بعد تعميم والقطيعة أي: الهجران والصد أي: ترك البر إلى الأهل والأقارب (إذًا) أي: إذا كان الدعاء لم يرد منه شيء ولا يخيب الداعي في شيء منه (نكثر) أي: من الدعاء لعظيم فوائده (قال) أي: رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّه أكثر» قال الطيبي: أي الله أكثر إجابة من دعائكم، وقيل: إن معناه فضل اللَّه أكثر أي: ما يعطيه من فضله وسعة كرمه أكثر ممن يعطيكم في مقابلة دعائكم، وقيل اللَّه أغلب في الكثرة فلا تعجزونه في الاستكثار فإن خزائنه لا تنفد وعطاياه لا تفنى، وقيل اللَّه أكثر ثوابًا وعطاء مما في نفوسكم فأكثروا ما شئتم فإنه تعالى