مع مشيئة اللَّه عز وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء أخذه بذنوبه، ثم كان عاقبته أن لا يُخلَّد في النار، بل يخرج منها، ثم يدخل الجنة.
قال بعضُهم: الموحِّد لا يُلقى في النار كما يُلقى الكفار، ولا يلقى فيها ما يَلْقَى الكفار، ولا يبقى فيها كما يبقى الكفارُ، فإن كمُلَ توحيدُ العبد وإخلاصُه للَّه فيه، وقام بشروطه كلِّها بقلبه ولسانه وجوارحه، أو بقلبه ولسانه عندَ الموت، أوجبَ ذلك مغفرة ما سلف من الذنوب كلِّها، ومنعه من دخول النَّار بالكلية. اهـ. من «جامع العلوم والحكم».
[من الأحاديث الدالة على التوبة:]
عن ابن عمر عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال:«إن اللَّه يقبلُ توبة العبد ما لم يُغرغر».
حديث حسن رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي في «شعب الإيمان». كذا في «صحيح الجامع».
جاء في «تحفة الأحوذي» للمباركفوري رحمه اللَّه تعالى (ج٩ ص٤١٥): (قوله: «إن اللَّه يقبل توبة العبد» ظاهره الإطلاق وقيده بعض الحنفية بالكافر. قاله القاري. قُلْتُ: الظاهر المعول عليه هو الأول «ما لم يغرغر» من الغرغرة أي ما لم تبلغ الروح إلى الحلقوم، يعني: ما لم يتيقن بالموت، فإن التوبة بعد التيقن بالموت لم يعتد بها؛ لقوله تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ}[النساء: ١٨].
(عن أبي هريرة أن رسول اللَّه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«خلق اللَّه مائة رحمة فوضع رحمة واحدة بين خلقه يتراحمون بها وعند اللَّه تسعةٌ وتسعون رحمة». رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، قال المباركفوري: وأخرجه أحمد والشيخان.
جاء في «تحفة الأحوذي» (ج٩ ص ٤١٨، ٤١٩): (قوله: «خلق اللَّه» أي: يوم خلق السماوات والأرض، كما في حديث سلمان عند مسلم. قال القرطبي: يجوز أن يكون معنى خلق اخترع وأوجد، ويجوز أن يكون بمعنى قدر، وقد ورد خلق بمعنى قدر في لغة العرب، فيكون المعنى: أن اللَّه أظهر تقديره لذلك يوم أظهر تقديره السماوات والأرض «فوضع رحمة واحدة بين خلقه» أي: من جملة المائة، وفي رواية لمسلم: «إن للَّه مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن