ومن علامتها: جمود العين، واستمرار الغفلة، وألا يستحدث بعد التوبة أعمالاً صالحة لم تكن له قبل الخطيئة.
خامسًا: علامات قبول التوبة:
وقال أيضًا رحمه اللَّه: فالتوبة المقبولة الصحيحة لها علامات:
منها: أن يكون العبد بعد التوبة خيرًا مما كان قبلها.
ومنها: أنه لا يزال الخوف مصاحبًا له لا يأمن مكر اللَّه طرفة عين فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسل لقبض روحه {أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}[فصلت: ٣٠] فهناك يزول الخوف.
ومنها: انخلاع قلبه، وتقطعه ندمًا وخوفًا، وهذا على قدر عظم الجناية وصغرها. وهذا تأويل ابن عيينة لقوله تعالى:{لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ}[التوبة: ١١٠] قال: تقطعها بالتوبة. ولا ريب أن الخوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب انصداع القلب وانخلاعه. وهذا هو تقطعه. وهذا حقيقة التوبة؛ لأنه يتقطع قلبه حسرة على ما فرط منه، وخوفًا من سوء عاقبته، فمن لم يتقطع قلبه في الدنيا على ما فرّط حسرة وخوفًا، تقطع في الآخرة إذا حَقّت الحقائق، وعاين ثواب المطيعين، وعقاب العاصين. فلا بد من تقطع القلب إما في الدنيا وإما في الآخرة.
ومن موجبات التوبة الصحيحة أيضًا: كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء، ولا تكون لغير المذنب ... إلى أن قال رحمه اللَّه:
فللَّه ما أحلى قوله في هذه الحال:
«أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني، أسألك بقوتك وضعفي، وبغناك عني وفقري إليك. هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير وليس لي سيد سواك. لا ملجأ ولا منجَى منك إلا إليك. أسألك مسألة المسكين. وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل. وأدعوك دعاء الخائف الضّرير، سؤال مَن خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذلّ لك قلبه».
يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناسُ عظمًا أنت كاسره ... ولا يهيضون عظمًا أنت جابره
[فائدة]
قال أبو الجلد: أوحى اللَّه تعالى إلى نبي من الأنبياء: قل لقومك: ما لكم تسترون الذنوب من خلقي، وتظهرونها لي! إن كنتم ترون أني لا أراكم فأنتم مشركون بي، وإن