الليل، فقيل له: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهًا؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.
[قال بعض علماء الحديث: من طال قيامه بالليل حسن وجهه بالنهار].
* * *
[فصل: في الأسباب الميسرة لقيام الليل]
اعلم أن قيام الليل صعب إلا من وفق للقيام بشروطه الميسرة له.
فمن الأسباب ظاهر، ومنها باطن.
فأما الظاهر: فأن لا يكثر الأكل، كان بعضهم يقول: يا معشر المريدين، لا تأكلوا كثيرًا فتشربوا كثيرًا فتناموا كثيرًا فتخسروا كثيرًا.
ومنها: أن لا يتعب نفسه بالنهار بالأعمال الشاقة.
ومنها: أن لا يترك القيلولة بالنهار، فإنها تعين على قيام الليل (١).
ومنها: أن يجتنب الأوزار.
قال الثوري: حُرمتُ قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته.
وأما الميسرات الباطنة:
فمنها: سلامة القلب للمسلمين، وخلوه من البدع، وإعراضه عن فضول الدنيا.
ومنها: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
ومنها: أن يعرف فضل قيام الليل.
ومن أشرف البواعث على ذلك الحب لله تعالى، وقوة الإيمان بأنه إذا قام ناجى ربه، وأنه حاضره ومشاهده، فتحمله المناجاة على طول القيام.
قال أبو سليمان رحمه اللَّه: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.
وفي «صحيح مسلم» عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل اللَّه فيها خيرًا إلا آتاه إياه، وذلك كل ليلة». انتهى. من «مختصر منهاج القاصدين».
(١) ويمكن القول واللَّه أعلم: (القيلولة للقيام، كالسحور للصيام) والمقصود بالقيلولة النوم وقت الظهيرة. (قل).