في «الصحيحين» أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعبد اللَّه بن عمرو:«لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل».
ومن أعظم ما يعين على قيام الليل: النوم على طهارة والمواظبة على أذكار النوم خاصة التسبيح وقراءة آية الكرسي - كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى في باب الذكر - فمن كان آخر كلامه قبل النوم ذكر اللَّه تعالى سهل عليه القيام، وإن انتبهت من النوم وكسلت عن القيام فأذن أذانًا يسمع اليقظان ولا يوقظ النائم، فالأذان يطرد الشيطان.
روى مسلم في «صحيحه» عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال: سمعت رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء». قال الراوي: و (الروحاء) من المدينة على بعد ستة وثلاثين ميلاً. ولقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في «الصحيحين»: «إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين». وهو أيضًا - أي: الأذان - ذكر، والذكر يحل من عقد الشيطان، فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد! فإن استيقظ فذكر اللَّه تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان». متفق عليه. قافية (الرأس) مؤخره.
ومن فوائد هذا الحديث كون المرء يفتتح قيامه بالليل بركعتين خفيفتين ثم يصلي بعدهما ما شاء، فإن ذلك هو هدي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمره، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت:(كان رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قام من الليل يصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين) رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين». رواه مسلم. لأنه إذا صلى - كما في الحديث - انحلت عقده كلها. ويكون عنده عون على باقي القيام، وإن نوى القيام قبل نومه فغلبته عينه حتى أصبح كتب له ما نوى، فعن أبي الدرداء رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه». رواه النسائي وغيره وحسنه الألباني في «صحيح الجامع».
تنبيه:
قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء والأفضل أن يكون عقب نوم - كما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى.