أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملتا عليه من الإيمان والأعمال إجمالاً، وقيل معناه كفتاه كل سوء، وقيل كفتاه شر الشيطان، وقيل دفعتا عنه شر الإنس والجن، وقيل معناه كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، وكأنهما اختصتا بذلك من الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى اللَّه تعالى وابتهالهم ورجوعهم إليه وما حصل لهم من الإجابة إلى مطلوبهم قال الحافظ بعد ذكر هذه الوجوه: والوجه الأول ورد صريحًا من طريق عاصم عن علقمة عن أبي مسعود رفعه: «من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة».
قال: ويؤيد الرابع حديث النعمان بن بشير يعني الذي أخرجه الترمذي في هذا الباب وقال الشوكاني بعد ذكر هذه الوجوه: ولا مانع من إرادة هذه الأمور جميعها ويؤيد ذلك ما تقرر في علم المعاني والبيان من أن حذف المتعلق مشعر بالتعميم فكأنه قال كفتاه من كل شر ومن كل ما يخاف، وفضل اللَّه واسع.
قوله:(هذا حديث حسن صحيح) أخرجه الجماعة). اهـ.
[علاج الحسد:]
قال اللَّه تعالى:{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.
في «أيسر التفاسير» للجزائري أثابه اللَّه تعالى: (أي: أظهر حسده وأعمله: أي وتعوذ برب الفلق - أي الصبح - من شر حاسد، أي من الناس إذا حسد، أي أظهر حسده فابتغاك بضر، أو أرادك بشر، أو طلبك بسوء بحسده لك، لأن الحسد طلب زوال النعمة عن المحسود، وسواءً أرادها له أو لم يردها وهو شر الحسد). اهـ.
قال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تحاسدوا» رواه مسلم.
جاء في «جامع العلوم والحكم» لابن رجب الحنبلي رحمه اللَّه تعالى ما مختصره: (فقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تحاسدوا» يعني: لا يحسد بعضكم بعضًا، والحسد مركوز في طباع البشر، وهو أن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل.
ثم ينقسم الناس بعد هذا إلى أقسام، فمنهم من يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول والفعل، ثم منهم من يسعى في نقل ذلك إلى نفسه، ومنهم من يسعى في إزالته عن المحسود فقط من غير نقل إلى نفسه، وهو شرهما وأخبثهما، وهذا هو الحسد المذموم المنهي عنه، وهو كان ذنب إبليس حيث حسد آدم عليه السلام لما رآه قد فاق على الملائكة بأن خلقه اللَّه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، وأسكنه في جواره، فما زال يسعى في إخراجه من الجنة حتى أخرج منها، ويروى عن ابن عمر أن إبليس قال لنوح: