للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابعًا: توبة المرأة:

أولاً: مقدمة:

١ - قبل الكلام عن دعوة المرأة المسلمة إلى اللَّه أود أن أقول: إن الإسلام هو الاستسلام والإذعان والانقياد لأمر اللَّه تعالى، وطالما أن الأمر كذلك، فإن المسألة ليست مسألة إقناع بقدر ما هي مسألة إيمان وامتثال، فلا يحتاج المسلم في كل تكليف إلى إقناع وبرهان، ولكن طالما أن المسلم قد رضي باللَّه ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نبيًّا ورسولاً- طالما أنه قد رضي بذلك - فلا يكون أمامه إلا سؤال واحد عند تكليفه بأمر اللَّه تعالى، وهو: هل ورد هذا التكليف في كتاب اللَّه عز وجل؟ فإن كان واردًا فيه فسمعًا وطاعة، وإن كان هذا التكليف حديثًا للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيكون السؤال هو التأكد من صحة هذا الحديث، فإن ثبت صحة ذلك - وهذا من اختصاص العلماء - فعليه أن يقول سمعًا وطاعة أيضًا، إذن يكون موضع البحث، هو التأكد من أن هذا التكليف قد ورد في كتاب اللَّه، أو في سنة رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع مراعاة مصادر التشريع الأخرى - لا البحث عن الإقناع أو عن أي شيء آخر مما نراه في معظم المسائل بين المسلمين الآن إلا ما رحم ربي من أنك تسمع دائمًا هذا القول: اقنعني أولاً! سبحان اللَّه! إن دين اللَّه تعالى كلٌّ لا يتجزأ، لا يأتيك كله، إلا إذا أعطيته كلك.

لو أن الرفيق «أي الطبيب» (١) وصف العلاج للمريض، لوجدته أخذ الدواء دون مناقشة، أيًّا كان طعم هذا الدواء، أما عندما يأمر اللَّه بأمر، فنجد التقاعس والتراخي، وطلب الإقناع، أيهما تمتثل لأمره بقوة .. الخالق أم المخلوق؟! أو ما قرأت قول اللَّه تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا} [الأحزاب: ٣٦].

يقول الإمام ابن كثير رحمه اللَّه (٢) في تفسير هذه الآية: «فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم اللَّه ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته، ولا اختيار لأحد هنا، ولا رأي، ولا قول». انتهى.

٢ - قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ


(١) أقول رفيق، لقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمن ادعى أنه طبيب: «أنت رجل رفيق وطبيبها الذي خلقها» رواه أبو داود وأحمد في «المسند» وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح. راجع «زاد المعاد» لابن القيم (ج ٢ ص: ٣٥٣) «أشير دائمًا إلى زاد المعاد بتحقيق الأرنؤوط». (قل).
(٢) «مختصر تفسير ابن كثير» للصابوني (ج ٣ ص: ٩٧). (قل).

<<  <   >  >>