عن أنس بن مالك قال:«كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه» رواه البخاري.
جاء في «فتح الباري»(جـ٢ ص ٦٠٢):
(قوله: «إلا في الاستسقاء» ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض بالأحاديث الثابتة بالرفع في غير الاستسقاء وقد تقدم أنها كثيرة، وقد أفردها المصنف بترجمة قي كتاب «الدعوات» وساق فيها عدة أحاديث، فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته، وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره. وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على صفة مخصوصة أمَّا الرفع البليغ فيدل عليه قوله:«حتى يرى بياض إبطيه» ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد به مد اليدين وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء مع ذلك زاد فرفعهما إلى جهة وجهة حتى حاذتاه وبه حينئذ يرى بياض إبطيه، وأما صفة اليدين في ذلك فلما رواه مسلم من رواية ثابت عن أنس «أن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء» ولأبي داود من حديث أنس أيضًا: «كان يستسقى هكذا ومد يديه - وجعل بطونهما مما يلي الأرض - حتى رأيت بياض إبطيه».
قال النووي: قال العلماء: السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلاً ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء. انتهى. وقال غيره: الحكمة في الإشارة بظهور الكفين في الاستسقاء دون غيره للتفاؤل بتقلب الحال ظهرًا لبطن كما قيل في تحويل الرداء، أو هو إشارة إلى صفة المسئول وهو نزول السحاب إلى الأرض). اهـ.
وجاء في «الفتح»(جـ ١١ ص ١٤٦، ١٤٧): باب رفع الأيدي في الدعاء:
وقال أبو موسى الأشعري: دعا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم رفع يديه ورأيت بياض إبطيه.
وقال ابن عمر: رفع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يديه وقال:«اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد».
قال أبو عبد اللَّه: وقال الأُويسي حدثني محمد بن جعفر عن يحيي بن سعيد وشريك سمعا أنسًا «عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه».