عن أُبي بن كعب قال: «كان رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا ذهب ربع الليل؛ قام فقال: يا أيها الناس! اذكروا اللَّه (اذكروا اللَّه)، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه - قال أُبي بن كعب - قلت: يا رسول اللَّه، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير، قلت النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير، قلت: الثلثين؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذًا تُكْفَى همَّك، ويغفر لك ذنبُك».
[أخرجه الترمذي (٢٤٥٧)، وأحمد في «المسند»، وإسناده حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي - كذا قال الأرنؤوط].
جاء في «تحفة الأحوذي»(جـ٧ ص ١٧٠، ١٧١):
(قوله:«يا أيها الناس» أراد به النائمين من أصحابه الغافلين عن ذكر اللَّه ينبههم عن النوم ليشتغلوا بذكر اللَّه تعالى والتهجد «جاءت الراجفة تتبعها الردافة» قال في «النهاية»: الراجفة النفخة الأولى التي يموت لها الخلائق، والرادفة النفخة الثانية التي يحيون لها يوم القيامة، وأصل الرجف الحركة والاضطراب انتهى. وفيه إشارة إلى قوله تعالى:{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ}[النازعات: ٦]، وعبر بصيغة الماضي لتحقق وقوعها فكأنها جاءت، والمراد أنه قارب وقوعها فاستعدوا لتهويل أمرها «جاء الموت بما فيه» أي: ما فيه من الشدائد الكائنة في حالة النزع والقبر وما بعده «جاء الموت بما فيه» التكرار للتأكيد، «إني أكثر الصلاة عليك» أي: بدل دعائي الذي أدعو به لنفسي قاله القاري. وقال المنذري في «الترغيب»: معناه أكثر الدعاء فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك «قال ما شئت» أي: أجعل مقدار مشيئتك «قلت: الربع» بضم الباء وتسكن أي: أجعل ربع أوقات دعائي لنفسي مصروفًا للصلاة عليك، «فقلت: ثلثي» هكذا في بعض النسخ بحذف النون، وفي بعضها فالثلثين وهو الظاهر، «قلت: أجعل لك صلاتي كلها» أي: أصرف بصلاتي عليك جميع الزمن الذي كنت أدعو فيه لنفسي «قال: إذًا» بالتنوين «تكفى» مخاطب