وعن أبي نعامة أن عبد اللَّه بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. قال: يا بني سل اللَّه الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء». (صحيح) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم - انظر «صحيح الجامع».
جاء في «عون المعبود شرح سنن أبي داود» لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي رحمه اللَّه تعالى (جـ١ ص ١٦٩، ١٧٠) ما مختصره:
(باب الإسراف في الوضوء) الزيادة على الثلاث في غسل أعضاء الوضوء، أو إسراف في الماء للوضوء على قدر الحاجة.
(القصر الأبيض) القصر: هو الدار الكبيرة المشيدة؛ لأنه يقصر فيه الحرم. كذا في التوسط (إذا دخلتها) أي الجنة (قال) عبد اللَّه لابنه حين سمعه يدعو بهذه الكلمات. قال بعض الشراح: إنما أنكر عبد اللَّه على ابنه في هذا الدعاء لأن ابنه طمع ما لا يبلغه عملاً حيث سأل منازل الأنبياء، وجعله من الاعتداء في الدعاء لما فيها من التجاوز عن حد الأدب، وقيل: لأنه سأل شيئًا معينًا واللَّه أعلم (إنه) الضمير للشأن (يعتدون) يتجاوزون عن الحد (في الطهور) بضم الطاء وفتحها، فالاعتداء في الطهور بالزيادة على الثلاث، وإسراف الماء، وبالمبالغة في الغسل إلى حد الوسواس ... وحديث ابن مغفل هذا يتناول الغسل والوضوء وإزالة النجاسة (الدعاء) عطف على الطهور، والمراد بالاعتداء فيه المجاوزة للحدّ، وقيل الدعاء بما لا يجوز ورفع الصوت به والصياح، وقيل سؤال منازل الأنبياء عليهم السلام. حكاها النووي في شرحه. وذكر الغزالي في الإحياء أن المراد به أن يتكلف السجع في الدعاء. قال المنذري: وأخرجه ابن ماجه مقتصرًا منه على الدعاء). انتهى من «عون المعبود»، ونكمل الكلام من «تحفة الذاكرين».
٢٣ - ولا يتحجر: ووجه ذلك أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سمع الأعرابي يقول: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، قال له:«لقد تحجرت واسعًا». وهو ثابت في «الصحيح».
٢٤ - ويسأل حاجته كلها (١).
٢٥ - ويؤمن الداعي والمستمع: أقول: وجهه أن التأمين بمعنى طلب الإجابة من الرب
(١) لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما في «صحيح الجامع» برقم (٥٩١ - ٢٧٠): «إذا سأل أحدكم فليكثر؛ فإنما يسأل ربه». (صحيح) ابن حبان عن عائشة «الصحيحة» (١٣٢٥)، والحديث يشمل سؤال الشيء اليسير من باب أولى. (قل).