الصلاةُ عليه صلى اللَّه عليه وآله وسلم تسليمًا أكُلَها، وإنما المعوّل عليه: صدق الالتجاء إلى اللَّه تعالى، وحسن الظن به، والثقة التامة في قوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم تسليمًا:«إذًا تكفى همك، ويغفر لك ذنبُك» مع كثرةٍ لا تشغلك عن العلم إن كنت من العلماء، وكأن لسان حالك يقول في نهاية الصلاة عليه صلى اللَّه عليه وآله وسلم تسليمًا: اللهم إني أجتزئُ بذلك - أي أرى ذلك كافيًا - غير مستبدل بالصلاة على نبيك صلى اللَّه عليه وآله وسلم تسليمًا ولا راغب عنها، وليكن هذا المعنى راسخًا عندك دائمًا في نهاية كل عبادة تقوم بها.
الثانية: أخبرني نفس الرجل السابق - بعد أن ذاق حلاوة تلك العبادة، وبالتالي وجد حلاوتها في المرة الثانية - أنه أراد القيام بتجارة مع صاحبين له، ولم يكن معه ما يكفي لإتمام حصته من هذه التجارة فقال:(كنت مع صاحب لي منذ أربع سنوات في بلد أجنبي دللته - كصاحب لي - على شركة يبيع لها بعض السلع لوجه اللَّه تعالى، حيث أتمنى لصاحبي ما أتمناه لنفسي، فلما ضاقت بي السبل من أجل إتمام هذه التجارة، مكثت أصلي على النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم تسليمًا حيث أراني اللَّه تعالى حلاوة هذه العبادة، وكان صاحبي هذا معي دائمًا قلما يمر أسبوع لا أراه فيه، فلما انتهيت من تلك العبادة المباركة التي كنت قد رأيت أثرها في المرة الأولي؛ بإعادة اللَّه تعالى المركبة إليّ - اتصل بي صاحبي هذا وقال لي: تذكر يوم كذا وكذا، يوم أن دللتني على شركة أبيع لها بعض السلع؟ إن لك عندي مكافأة على ذلك لا تنقص من محبتي لك، وأرسل لي خمسين ألفًا من الجنيهات.
وقد بدأت بهاتين القصتين لأنهما كانتا أولاً، وكان لهما أثر في القصص التي تأتي بعدهما، مع مراعاة أنه ينبغي لمن يدعو إلى اللَّه تعالى ألا يفرق بين الغني والفقير، كما قيل: (من تواضع لغني من أجل غناه فقد ذهب ثلثا دينه)، فلا تلبي دعوة الغني وتترك دعوة الفقير، ولا تحسن الإصغاء لكلام الغني، وتهمل كلام الفقير، ولا ترقِ طفل الغني بإقبال وخشوع، وتعرض بقلبك عن طفل الفقير، فكلنا من آدم عليه السلام، وآدم من تراب.
الثالثة: رجل عامي استمع لتلكما القصتين السابقتين، أتاه رجل في حانوته الذي يبيع فيه يشكو إليه، بعد حمد اللَّه تعالى - غياب ولده الصغير عن البيت منذ عشرين يومًا، وقد أعيته الحيلة، حتى إنه أعلن عن غياب ولده في الجهاز الذي - يا حسرةً على العباد - قد غزا كثيرًا من البيوت، قال صاحب الحانوت: فقلت له - أي بالعامية - أتعرف آخر جزء في التشهد - أي الصلاة الإبراهيمية - اللهم صلِّ على محمد .... ؟ عليك بها، وعاد الرجل في آخر اليوم ضاحكًا مستبشرًا وهو يقول لي: بعد أن تركتك، مكثت ساعة