أعظم الزور، والزور: يقال على الكلام الباطل وعلى العمل الباطل، وعلى العين نفسها.
* * *
فصل
الاسم الرابع: الباطل. والباطل: ضد الحق، يراد به المعدوم الذي لا وجود له، والموجود الذي مضرة وجوده أكثر من منفعته، فمن الأول: قول الموحد: كل إله سوى اللَّه باطل، ومن الثاني قوله: السحر باطل، والكفر باطل، قال تعالى:{وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}[الإسراء: ٨١].
فالباطل إما معدوم لا وجود له، وإما موجود لا نفع له. فالكفر والفسوق والعصيان، والسحر والغناء واستماع الملاهي، كلها من النوع الثاني.
وقال رجل لابن عباس رضي اللَّه عنهما: ما تقول في الغناء أحلال هو أم حرام؟ فقال: لا أقول حرامًا إلا ما في كتاب اللَّه، فقال: أفحلال هو؟ فقال: ولا أقول ذلك، ثم قال له: أرأيت الحق والباطل، إذا جاءا يوم القيامة، فأين يكون الغناء؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل، فقال له ابن عباس: اذهب، فقد أفتيت نفسك.
فهذا جواب ابن عباس رضي اللَّه عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنى واللواط والتشبيب - يعني إظهار المفاتن ووصف الجمال - بالأجنبيات، وأصوات المعازف، والآلات المطربات. فإن غناء القوم لم يكن فيه شيء من ذلك، ولو شاهدوا هذا الغناء لقالوا فيه أعظم قول، فإن مضرته وفتنته فوق مضرة شرب الخمر بكثير وأعظم من فتنته.
* * *
فصل
الخامس: وأما اسم المكاء والتصدية. فقال تعالى عن الكفار:{وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً}[الأنفال: ٣٥].
قال ابن عباس وابن عمر وعطية ومجاهد والضحاك والحسن وقتادة: المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق.
قال ابن عباس: كانت قريش يطوفون بالبيت عراة، ويصفرون ويصفقون.
والمقصود: أن المصفقين والمصفرين في يراع أو مزمار ونحوه فيهم شبه من هؤلاء، ولو أنه مجرد الشبه الظاهر. فلهم قسط من الذم، بحسب تشبههم بهم، وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم وتصديتهم، واللَّه سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في