للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليهودية ولا نصرانية، وهو النحر والقرط (١) والوشاح وما لا يحل أن يراه إلا محرم، وروى سعيد عن مجاهد قال: لا تضع المسلمة خمارها عند مشركة لأن اللَّه تعالى يقول: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} فليست من نسائهن، وعن مكحول وعبادة بن نسي: أنهما كرها أن تقبل النصرانية واليهودية والمجوسية المسلمة. وقوله تعالى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} قال ابن جرير: يعني: من نساء المشركين، فيجوز لها أن تظهر زينتها لها وإن كانت مشركة لأنها أمتها، وإليها ذهب سعيد بن المسيب، وقال الأكثرون: بل يجوز أن تظهر على رقيقها من الرجال والنساء، واستدلوا بالحديث الذي رواه أبو داود عن أنس أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، قال: وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما تلقى قال: «إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك» (٢).

وقوله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} يعني: كالأجراء والأتباع الذين ليسوا بأكفاء، وهم مع ذلك في عقولهم وله ولا همة لهم إلى النساء ولا يشتهونهن. قال ابن عباس: هو المغفل الذي لا شهوة له. وقال مجاهد: هو الأبله. وقال عكرمة: هو المخنث الذي لا يقوم ذكره، وكذلك قال غير واحد من السلف، وفي «الصحيح» عن عائشة أن مخنثًا كان يدخل على أهل رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو ينعت امرأة يقول: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا أرى هذا يعلم ما ههنا لا يدخلن عليكم» فأخرجه. وقوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء} يعني: لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية وحركاتهن وسكناتهن، فإذا كان الطفل صغيرًا لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء، فأما إن كان مراهقًا أو قريبًا منه بحيث يعرف ذلك ويدريه ويفرق بين الشوهاء والحسناء، فلا يمكّن من الدخول على النساء (٣)، وقد ثبت في «الصحيحين» عن رسول اللَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إياكم والدخول على النساء» قيل: يا رسول اللَّه، أفرأيت الحمو. قال: «الحمو الموت» وقوله


(١) القُرْط: ما يعلق في شحمة الأذن من دُرّ أو ذهب أو فضة أو نحوها. والوشاح: خيطان من لؤلؤ وجوهر منظومان يخالف بينهما، معطوف أحدهما على الآخر. ونسيج عريض يرصع بالجوهر وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها. (والكشح ما بين الخاصرة والضلوع). كذا في «المعجم الوسيط». (قل).
(٢) صحيح - انظر «صحيح أبي داود». (قل).
(٣) سيأتي الكلام عن أحكام الصغير الأجنبي إن شاء اللَّه تعالى عند الكلام عن أحكام العورة بين المحارم. (قل).

<<  <   >  >>