للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبعون: أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن عبد الأعلى التيمي أنه قال: من أوتي من العلم ما لا يبكيه، لخليق أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه، لأن اللَّه نعت أهل العلم فقال: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ} انتهى. وذلك في نهاية قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا - وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً - وَيَخِرُّونَ للأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: ١٠٧: ١٠٩].

الحادية والسبعون: من رسوخ العلم أن يكون من الكتاب، فقد ورد أن رجلاً سأل الإمام أحمد سؤالاً، فصعد الإمام إلى بيته كي يحضر الكتاب فقال الرجل: حدثني من الذاكرة، فقال الإمام رحمه اللَّه: لا، بل من الكتاب.

وقد يلبس عليك إبليس قائلاً: إنك إذا قرأت من الكتاب، قال الناس: إن حظك من العلم قليل. فإذا كنت عالمًا حقًّا فلا يهمك أن تكون عالمًا عند الناس. وعمومًا يقول ابن القيم رحمه اللَّه: فالبصير الصادق، لا يستوحش من قلة الرفيق، ولا من فقده، إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول الذين أنعم اللَّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

الثانية والسبعون: إذا كنت تقوم بإعطاء درس أو خطبة جمعة، فيمكنك أن تصلي صلاة الاستخارة، لا على إلقاء الدرس أو الخطبة وإنما على الموضوع واللَّه أعلم. وأيضًا يا حبذا لو صليت صلاة الحاجة قبل تحضير الخطبة تسأل اللَّه فيها الصواب والإخلاص.

الثالثة والسبعون: إذا كنت قد تعودت على السفر كثيرًا فاحذر طول الغياب، وأذكرك بقول اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]. فإلى هذا الحد تصبر المرأة على زوجها، حيث سأل عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه ابنته حفصة أم المؤمنين رضي اللَّه عنها عن ذلك فأجابته بهذه الآية. وجاء في «زاد المعاد» لابن القيم رحمه اللَّه: وينبغي (أي: للرجل) ألا يدع الجماع، فإن البئر إذا لم تنزح ذهب ماؤها (١).

الرابعة والسبعون: ضع في نيتك أن كل ما تنفقه على أهلك يعتبر نفقة في سبيل اللَّه تعالى، حتى رغيف الخبز، ففي «صحيح مسلم» عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «دينار أنفقته في سبيل اللَّه، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أفضلها الذي أنفقته على أهلك».


(١) راجع هدي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الجماع في «زاد المعاد» (ج٤ ص: ٢٤٩). (قل).

<<  <   >  >>