قَالَ: «اخْتَارَ اللَّهُ الْبِلادَ فَأَحَبُّ الْبِلادِ إِلَى اللَّهِ الْبَلَدُ الْحَرَامُ»
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حُدِّثْنَا أَنَّ قُرَيْشًا وَجَدَتْ فِي الرُّكْنِ كِتَابًا بِالسِّرْيَانِيَّةِ، فَلَمْ تَدْرِ مَا فِيهِ حَتَّى قَرَأَهُ لَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَإِذَا فِيهِ أَنَا اللَّهُ ذُو بَكَّةَ، خَلَقْتُهَا يَوْمَ خَلَقْتُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَصَوَّرْتُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَحَفَفْتُهَا بِسَبْعَةِ أَمْلاكٍ، حُنَفَاءَ، وَلا تَزُولُ مَكَّةُ حَتَّى تَزُولَ أَخْشَبَاهَا، مُبَارَكٌ لأَهْلِهَا فِي الْمَاءِ وَاللَّبَنِ.
وَالأَخْشَبَانِ: الْجَبَلانِ، وَهُمَا: أَبُو قُبَيْسٍ، وَالْجَبَلُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الأَحْمَرُ، وَكَانَ يُسَمَّى الأَعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ وَجْهُهُ عَلَى قُعَيْقِعَانَ، وَمَكَّةُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ.
وَاخْتَلَفُوا لِمَ قِيلَ لِلْجَبَلِ أَبُو قُبَيْسٍ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَوَّلَ مَنْ نَهَضَ بِبِنَائِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو قُبَيْسٍ، فَلَمَّا صَعِدَ بِالْبِنَاءِ فِيهِ سُمِّيَ جَبَلُ أَبِي قُبَيْسٍ.
وَالثَّانِي أَنَّهُ اقْتُبِسَ مِنْهُ الرُّكْنُ فَسُمِّيَ لِذَلِكَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: " إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يُحِلَّ الْقِتَالَ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يُحِلَّ لِي إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لا يُعَضَّدُ شَوْكُهُ، وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ إِلا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلا يُخْتَلَى خَلاهُ.
فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهُ، إِلا الإِذْخَرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute