أَبْوَابٌ ذِكْرُ حَجِّ الْخُلَفَاءِ وَبَعْضُ مَا جَرَى لَهُمْ مِنَ الطُّرَفِ
بَابُ ذِكْرِ حَجِّ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ، أَنْبَأنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، ثُمَّ اعْتَمَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَدَخَلَ مَكَّةَ ضَحْوَةً، فَأَتَى مَنْزِلَهُ وَأَبُوهُ أَبُو قُحَافَةَ جَالِسٌ عَلَى بَابَ دَارِهِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا ابْنُكَ، فَنَهَضَ قَائِمًا، وَعَجِلَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُنِيخَ رَاحِلَتَهُ، فَنَزَلَ عَنْهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا أَبَهْ لا تَقُمْ، فَالْتَزَمَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْ أَبِي قُحَافَةَ، وَجَعَلَ الشَّيْخُ يَبْكِي فَرَحًا بِقُدُوَمِهِ.
وَجَاءَ أَهْلُ مَكَّةَ، وَعَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ، وسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ: سَلامٌ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، وَصَافَحُوهُ جَمِيعًا، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَبْكِي حِينَ يَذْكُرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَى أَبِي قُحَافَةَ، فَقَالَ أَبُو قُحَافَةَ: يَا عَتِيقُ، هَؤُلاءِ الْمَلأُ، فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمْ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا أَبَهْ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهَ، طُوِّقْتُ عَظِيمًا مِنَ الأَمْرِ لا قُوَّةَ لِي بِهِ وَلا يَدَانِ إِلا بِاللَّهِ، ثُمَّ دَخَلَ فَاغْتَسَلَ، وَخَرَجَ وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ فَنَحَّاهُمْ، وَلَقِيَهُ النَّاسُ يُعَزُّونُهُ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَبْكِي، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ فَاضْطَبَعَ بِرِدَائَهَ، ثُمَّ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ طَافَ سَبْعًا، وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا كَانَ الظُّهْرُ خَرَجَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ جَلَسَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ النَّدْوَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute