بَابُ ذِكْرِ مَنْ كَانَ يَتَوَلَّى الْحُكْمَ بَيْنَ الْعَرَبِ وَإِجَازَةَ الْحَاجِّ
، كَانَ يَتَوَلَّى ذَلِكَ عَامِرُ بْنُ الظِّرِبِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: ذُو الْحِلْمِ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
لَذِي الْحِلْمِ قَبْلَ الْيَوْمِ مَا تَقْرَعُ الْعَصَا ... وَمَا عُلِّمَ الإِنْسَانُ إِلا لِيَعْلَمَا
وَكَانَ لَهُ أَعْوَادٌ يَجْلِسُ عَلَيْهَا فَيَحْكُمُ بَيْنَ الْعَرَبِ، وَيَخْطُبُ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ عَلَيْهَا، فَيَحُثُّ النَّاسَ عَلَى مَحَاسِنِ الأَخْلاقِ، وَيُقَبِّحُ لَهُمُ الْعُذْرَ، وَيَحُضُّهُمْ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْحَلِفِ، وَحِفْظِ الْجَارِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ قَضَى فِي الْخُنْثَى مِنْ حَيْثُ يَبُولُ، فَلَمَّا مَاتَ رَثَاهُ الأَسْوَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، فَقَالَ:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَوْ أَنَّ عِلْمِي نَافِعِي ... أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذِي الأَعْوَادِ
ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بَعْدَهُ ذَلِكَ بِعُكَاظٍ إِلا بِسَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَحْلَ السَّعْدِيُّ، فَقَالَ:
لَيَالِي سَعْدٍ فِي عُكَاظٍ يَسُوقُهَا لَهُ ... كُلُّ مَشْرِقٍ مِنْ عُكَاظٍ وَمَغْرِبِ
ثُمَّ اجْتَمَعَ ذَلِكَ مِنْ بَعْدِهِ بِحَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ، ثُمَّ وَلِيَهُ بَعْدَهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ بَعْدَهُ الأَضْبَطُ بْنُ فُرَيْعِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ، وَمَا زَالَ يَنْتَقِلُ ذَلِكَ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ نَشَبٌ، الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute