للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابٌ ذِكْرُ مَنْ وُعِظَ مِنَ الْخُلَفَاءِ بِالْمَدِينَةِ

مَوْعِظَةُ أَبِي حَازِمٍ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالْمَدِينَةِ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ أَحْمَدَ الْيُوسُفِيُّ، أَنْبَأنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، أَنْبَأنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ، أَنْبَأنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ، أَنْبَأنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرُّويَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: دَخَلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثًا، فَقَالَ: مَا هَا هُنَا رَجُلٌ مِمَّنْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا؟ فَقِيلَ لَهُ: بَلَى هَا هُنَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو حَازِمٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجَاءَ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قَالَ: لأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ آخِرَتَكُمْ، وَعَمَّرْتُمْ دُنْيَاكُمْ، فَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ أَنْ تَنْقَلِبُوا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ.

قَالَ: صَدَقْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ، فَكَيْفَ الْقُدُومُ عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَمَّا الْمُحْسِنُ فَكَالْغَائِبِ يَقْدَمُ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَّا الْمُسِيءُ فَكَالآبِقِ يَقْدَمُ عَلَى مَوْلاهُ.

فَبَكَى سُلَيْمَانُ، وَقَالَ: لَيْتَ شِعْرِي، مَا لَنَا عِنْدَ اللَّهِ يَا أَبَا حَازِمٍ؟ فَقَالَ أَبُو حَازَمٍ: اعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدَ اللَّهِ.

قَالَ: وَأَنَّى أُصِيبُ تِلْكَ الْمَعْرِفَةَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ {١٣} وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: ١٣-١٤] .

قَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، فَأَيْنَ رَحْمَةُ اللَّهِ؟ قَالَ: {قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: ٥٦] .

قَالَ: يَا أَبَا حَازِمٍ، مَنْ أَعْقَلُ

<<  <   >  >>