للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابٌ انْزِعَاجُ الْعَارِفِينَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ

كَانَ أَرْبَابُ الْمَعْرِفَةِ يَنْزَعِجُونَ إِذَا دَخَلُوا مَكَّةَ وَلاحَتْ لَهُمُ الْكَعْبَةُ، لأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَنْزِلِ تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهِ.

حَجَّتِ امْرَأَةٌ عَابِدَةٌ، فَجَعَلَتْ تَقُولُ: أَيْنَ بَيْتُ رَبِّي؟ أَيْنَ بَيْتُ رَبِّي؟ فَقِيلَ لَهَا: الآنَ تَرَيْنَهُ.

فَلَمَّا لاحَ الْبَيْتُ قَالُوا: هَذَا بَيْتُ رَبِّكِ.

فَاشْتَدَّتْ نَحْوَهُ، فَأَلْصَقَتْ جَبِينَهَا بِحَائِطِ الْبَيْتِ، فَمَا رُفِعَتْ إِلا مَيْتَةً.

وَحَجَّ الشِّبْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ جَعَلَ يَقُولُ:

أَبَطْحَاءُ مَكَّةَ هَذَا الَّذِي ... أَرَاهُ عِيَانًا وَهَذَا أَنَا

ثُمَّ غُشِّيَ عَلَيْهِ، فَأَفَاقَ وَهُوَ يَقُولُ:

هَذِهِ دَرَاهِمُ وَأَنْتَ مُحِبٌّ ... فَمَا بَقَاءُ الدُّمُوعِ فِي الآمَاقِ

وَقَالَ الرَّضِيُّ فِي هَذَا الْمَعْنَى:

إِذَا هَزَّنَا الشَّوْقُ اضْطَرَبْنَا لِذِكْرِهَا ... عَلَى شُعَبِ الرَّحْلِ اضْطِرَابَ الأَرَاقِمِ

فَمِنْ صَبَوَاتٍ تَسْتَقِيمُ بِمَائِلٍ ... وَمِنْ أُرَيْحِيَاتٍ تَهُبُّ بِنَائِمِ

وَاسْتَشْرِفِ الأَعْلامَ حَتَّى يَدُلَّنِي ... عَلَى طِيبِهَا مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ

وَمَا أَنْسَمُ الأَرْوَاحَ إِلا لأَنَّهَا ... تَمُرُّ عَلَى تِلْكَ الرُّبَى وَالْمَعَالِمِ

<<  <   >  >>