للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ، فَإِذَا الصَّلاةُ تُجْهِدُ الْبَدَنَ دُونَ الْمَالِ، وَالصِّيَامُ كَذَلِكَ، وَالْحَجُّ يُجْهِدُهُمَا، فَرَأَيْتُهُ أَفْضَلَ.

وَكَانَ أَبُو الشَّعْثَاءِ لا يُمَاكِسُ فِي الْكِرَاءِ إِلَى مَكَّةَ، وَلا فِي الرَّقَبَةِ يَشْتَرِيهَا لِلْعِتْقِ، وَلا فِي الْأُضْحِيَةِ، وَقَالَ: لا يُمَاكَسُ فِي شَيْءٍ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَصْلٌ

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّكْلِيفَ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْسَامٍ: تَكْلِيفٌ يَتَعَلَّقُ بِعَقْدِ الْقَلْبِ، وَتَكْلِيفٌ يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ، وَتَكْلِيفٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، وَلَيْسَ فِي التَّكْلِيفِ قِسْمٌ رَابِعٌ.

فَالصَّلاةُ وَالصَّوْمُ يَجْمَعَانِ سَبَبَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثَةِ، عَقْدُ الْقَلْبِ وَفِعْلُ الْبَدَنِ، وَالزَّكَاةُ تَجْمَعُ سَبَبَيْنِ، عَقْدُ الْقَلْبِ وَإِخْرَاجُ الْمَالِ، وَالْحَجُّ يَجْمَعُ الْأَرْكَانَ الثَّلاثَةَ، فَبَانَ فَضْلُهُ، ثُمَّ إنْهَاكُهُ لِلْبَدَنِ أَشَدُّ، وَإِجْهَادُهُ لِلْمَالِ أَكْثَرُ، وَيَجْمَعُ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ، وَالْمَأْلُوفَاتِ وَاللَّذَّاتِ، وَلِقَاءَ الشَّدَائِدِ، وَهُوَ زِيَارَةُ الْحَقِّ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ هُوَ حُضُورُ الْبِقَاعِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي سَيَأْتِي ذِكْرُ فَضْلِهَا، وَيَتَضَمَّنُ الدُّخُولَ فِي جُمْلَةِ الْمُخْلِصِينَ، وَالاخْتِلاطَ بِالْأَبْدَالِ وَالصَّالِحِينَ، وَالانْغِمَاسَ فِي دُعَاءِ الْمَقْبُولِينَ.

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ الدَّيْنَوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ اللُّؤْلُؤي، وَكَانَ خَيِّرًا فَاضِلا، قَالَ: كُنْتُ فِي البَحْرِ

<<  <   >  >>