بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ الْمَنَازِلِ الْمَشْهُورَةِ وَبَعْضِ مَا جَرَى فِيهَا
ذِكْرُ الْكُوفَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ النَّرْسِيِّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَاجِبِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَجْيَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحُلْوَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَزْوِينِيُّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ هَارُونَ الرَّشِيدِ، فَمَرَرْنَا بِالْكُوفَةِ، فَإِذَا بُهْلُولٌ الْمَجْنُونُ يَهْذِي، فَقُلْتُ: اسْكُتْ، فَقَدْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَسَكَتَ، فَلَمَّا حَاذَاهُ الْهَوْدَجُ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدَّثَنِي أَيْمَنُ بْنُ نَائِلٍ، أَنْبَأَنَا قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى عَلَى جَمَلٍ وَتَحْتَهُ رَحْلٌ رَثٌّ فَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ طَرْدٌ وَلا ضَرْبٌ وَلا إِلَيْكَ إِلَيْكَ» .
قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ بُهْلُولٌ الْمَجْنُونُ.
قَالَ: قَدْ عَرَفْتُهُ، قُلْ يَا بُهْلُولُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ:
هَبْ أَنَّكَ قَدْ مَلَكْتَ الْأَرْضَ طُرًّا ... وَدَانَ لَكَ الْعِبَادُ فَكَانَ مَاذَا؟
أَلَيْسَ غَدًا مَصِيرُكَ جَوْفُ قَبْرٍ ... وَيَحْثُو التُّرْبَ هَذَا ثُمَّ هَذَا؟
فَقَالَ: أَجَدْتَ يَا بُهْلُولُ، أَفَغَيْرُهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ جَمَالا وَمَالا فَعَفَّ فِي جَمَالِهِ، وَوَاسَى فِي مَالِهِ، كُتِبَ فِي دِيوَانِ الْأَبْرَارِ.
قَالَ: فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ شَيْئًا، قَالَ: فَإِنَّا قَدْ أَمَرْنَا بِقَضَاءِ دَيْنِكَ، قَالَ: لا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لا تَقْضِ دَيْنًا بِدَيْنٍ، ارْدُدِ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ، فَاقْضِ دَيْنَ نَفْسِكَ مِنْ نَفْسِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute