للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابٌ كَيْفِيَةُ دُخُولِ مَكَّةَ لِلْحَاجِّ

يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَدْخُلَهَا مِنْ أَعْلاهَا مِنْ ثَنِيَةِ كَدَاءَ، فَإِذَا خَرَجَ، خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا مِنْ ثَنِيَةِ كُدَى، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا» .

وَاعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ كَدَاءَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا وَرُبَّمَا خَلَطُوا فِي ذَلِكَ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنِّي أَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ بِمَكَّةَ ثَلاثَةَ أَمْكِنَةٍ أَسْمَاؤُهَا عَلَى هَذَا الشَّكْلِ فَلِذَلِكَ تَشْتَبِهُ: فَالأَوَّلُ: كَدَاءَ بِفَتْحِ الْكَافِ مَعَ الْمَدِّ، وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ إِذَا صَعَدَ فِيهِ الآتِي مِنْ طَرِيقِ الْعُمْرَةِ، وَمِنْهَا يَنْحَدِرُ إِلَى الْمَقَابِرِ وَإِلَى الْمَحْصَبِ، وَهُوَ الَّذِي يُسْتَحَبُّ الدُّخُولُ مِنْهُ.

وَالثَّانِي: كُدَى بِضَمِّ الْكَافِ مَعَ الْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ، وَهُوَ أَسْفَلُ مَكَّةَ يَدْخُلُ فِيهِ الدَّاخِلُ بَعْدَ أَنْ يَنْفَصِلَ مِنْ ذِي طُوَى، وَهُوَ بِقُرْبِ شِعْبِ الشَّافِعِيِّينَ عِنْدَ قُعَيْقِعَانَ، وَهُوَ الَّذِي يُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مِنْهُ.

وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ: كُدَيٌّ بِضَمِّ الْكَافِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ مُصَغَّرًا، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْيَمَنِ فَهُوَ فِي طَرِيقِهِ وَلَيْسَ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي شَيْءٍ.

وَهَذَا ضَبْطُ الْمُحَقِقِّينَ، مِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعُذْرِيُّ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْوِيهِ عَنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِمَوَاضِعِ مَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا، حَكَاهُ عَنْهُ الْحُمَيْدِيُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>