بِالْحُضُورِ مَعَهُمْ، وَإِنْصَافِهِمْ، فَقُلْتُ: تُعْفِينِي مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ يَعْرِفُ خَطِّي.
فَقَالَ: اكْتُبْ، فَكَتَبْتُ، ثُمَّ خَتَمَهُ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لا يَمْضِي بِهِ غَيْرُكَ.
فَمَضَيْتُ بِهِ إِلَى الرَّبِيعِ، وَجَعَلْتُ أَعْتَذِرُ لَهُ، فَقَالَ لا عَلَيْكَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ، ثُمَّ خَرَجَ الرَّبِيعُ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: وَقَدْ حَضَرَ وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالأَشْرَافُ وَغَيْرُهُمْ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي قَدْ دُعِيتُ إِلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلا أَعْلَمَنَّ أَحَدًا قَامَ لِي إِذَا خَرَجْتُ وَلا بَدَأَنِي بِالسَّلامِ.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ وَالْمُسَيِّبُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالرَّبِيعُ، وَأَنَا خَلْفَهُ، وَهُوَ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ، فَمَا قَامَ إِلَيْهِ أَحَدٌ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى بَدَأَ بِالْقَبْرِ الْمُعَظَّمِ، فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الرَّبِيعِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا رَبِيعُ، أَخْشَى أَنْ يَرَانِي ابْنُ عِمْرَانٍ فَيَدْخُلَ قَلْبَهُ هَيْبَةٌ فَيَتَحَوَّلَ عَنْ مَجْلِسِهِ، وَبِاللَّهِ لَئِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لا وَلِيَ لِي وِلايَةً أَبَدًا.
قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ ابْنُ عِمْرَانٍ وَكَانَ مُتَّكِئًا، أَطْلَقَ رِدَاءَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، ثُمَّ احْتَبَى بِهِ، وَدَعَا بِالْخُصُومِ، ثُمَّ دَعَا بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ الْقَوْمُ، فَقَضَى لَهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الدَّارَ قَالَ لِلرَّبِيعُ: اذْهَبْ فَإِذَا قَامَ وَخَرَجَ مَنْ عِنْدِهِ مِنَ الْخُصُومِ فَادْعُهُ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللَّهِ مَا دَعَاكَ إِلا بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مَنْ أُمُورِ النَّاسِ جَمِيعًا.
فَدَعَاهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ سَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ، وَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ دِينِكَ، وَعَنْ نَبِيِّكَ، وَعَنْ حَسَبِكَ، وَعَنْ خَلِيفَتِكَ كَأَحْسَنِ الْجَزَاءِ، قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِعَشْرَةِ آلافِ دِينَارٍ فَاقْبِضْهَا، فَكَانَتْ عَامَّةُ أَمْوَالُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانٍ مِنْ تِلْكَ الصِّلَةِ
مَوْعِظَةُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ لِلرَّشِيدِ بِمَكَّةَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أحْمدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأنَا أَبُو نُعَيْمِ الأَصْفَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ، حَدَّثَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute