للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَوْعِظَةُ الْعُمَرِيِّ لِلرَّشِيدِ بِمَكَّةَ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنْبَأنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَبَّالُ الْحَافِظُ، أَنْبَأنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرَانٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبَّاسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ سُلَيْمَانَ، قَالَ: كُنْتُ بِمَكَّةَ فِي زُقَاقِ الشَّطْوِيِّ وَإِلَى جَنْبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، وَقَدْ حَجَّ هَارُونُ الرَّشِيدُ، فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَسْعَى، قَدْ أُخْلِيُ لَهُ الْمَسْعَى.

قَالَ الْعُمَرِيُّ لِلرَّجُلِ لا جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا، كَلَّفْتَنِي أَمْرًا كُنْتُ عَنْهُ غَنِيًّا.

ثُمَّ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ وَقَامَ، فَتَبِعْتُهُ، فَأَقْبَلَ هَارُونُ الرَّشِيدُ، مِنَ الْمَرْوَةِ يُرِيدُ الصَّفَا، فَصَاحَ بِهِ: يَا هَارُونُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا عَمِّ، قَالَ: ارْقِ الصَّفَا، فَلَمَّا رَقِيَهُ قَالَ: ارْمِ بِطَرْفِكَ إِلَى الْبَيْتِ.

قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ.

قَالَ: كَمْ هُمْ؟ قَالَ: وَمَنْ يُحْصِيهِمْ؟ قَالَ: وَكَمْ فِي النَّاسِ مِثْلُهُمْ؟ قَالَ: خَلْقٌ لا يُحْصِيهِمْ إِلا اللَّهُ.

قَالَ: اعْلَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسْأَلُ عَنْ خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَأَنْتَ وَحْدَكَ تُسْأَلُ عَنْهُمْ كُلِّهِمْ، فَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ؟ قَالَ: فَبَكَى هَارُونُ وَجَلَسَ، وَجَعَلَ يُعْطُونَهُ مِنْدِيلا للدُّمُوعِ.

قَالَ الْعُمَرِيُّ: وَأُخْرَى أَقُولُهَا قَالَ: قُلْ يَا عَمِّ.

قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّ الرَّجُلَ لَيُسْرِفُ فِي مَالِهِ فَيَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ أَسْرَفَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ مَضَى وَهَارُونُ يَبْكِي.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: بَلَغَنِيَ أَنَّ

<<  <   >  >>