للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابٌ ذِكْرُ مَنْ طَالَ عَلَيْهُ سَفَرُهُ فَاشْتَاقَ إِلَى وَطَنِهِ

اسْتَأْذَنَ أَشْجَعُ السُّلَمِيُّ الرَّشِيدَ فِي الْحَجِّ، فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا حَجَّ وَرَجَعَ فَصَارَ عِنْدَ بِئْرِ مَيْمُونَةَ، قَالَ:

أَلا لَيْتَ حَيًّا بِالْعِرَاقِ عَهِدْتُهُمْ ... ذَوِي غِبْطَةٍ فِي عَيْشِهِمْ وَلَيَانِ

يَرَوْنَ دُمُوعِي حِينَ يَشْتَمِلُ الدُّجَا ... عَلَيَّ وَمَا أَلْقَى مِنَ الْحَدَثَانِ

أَمِنْ بِئْرِ مَيْمُونٍ تَحِنَّ صَبَابَةً ... إِلَى أَهْلِ بَغْدَادَ وَتِلْكَ أَمَانِي

بَعُدْتَ وَبَيْتُ اللَّهِ عَمَّنْة تُحِبُّهُ ... هَوَاكَ عِرَاقِيُّ وَأَنْتَ يَمَانِي

إِذَا ذُكِرَتْ بَغْدَادُ لِي فَكَأَنَّمَا ... تَحَرَّكُ فِي صَدْرِي شِبَاهُ سِنَانِ

وَحَجَّ مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا رَجَعَ فَصَارَ بِالثَّعْلَبِيَّةِ اشْتَدَّ شَوْقُهُ، فَقَالَ:

لَمَّا وَرَدْتُ الثَّعْلَبِيَّةَ ... عِنْدَ مُجْتَمَعِ الرِّفَاقِ

وَشَمَمْتُ مِنْ بَرْدِ الْحِجَازِ ... نَسِيمَ أَرْوَاحِ الْعِرَاقِ

أَيْقَنْتُ لِي وَلِمَنْ هَوَيْتُ ... بِأُلْفَةٍ بَعْدَ افْتِرَاقِ

مَا بَيْنَنَا إِلا تَصُرَّمُ ... هَذِهِ السَّبْعِ الْبَوَاقِي

حَتَّى يَطُولَ حَدِيثُنَا ... بِصُنُوفِ مَا كُنَّا نُلاقِي

وَقَالَ الرَّضِيُّ:

تَرَى النَّازِلِينَ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ ... قَدْ عَلِمُوا أَنَّ وَجْدِي كَذَا

دَنَا طَرَبٌ وَالْهَوَى نَازِحٌ ... فِيمَا بَعْدَ ذَاكَ وَيَا قُرْبَ ذَا

<<  <   >  >>