بَابُ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
قَالَ الزَّجَّاجُ: الصَّفَا فِي اللُّغَةِ: الْحِجَارَةُ الصَّلْبَةُ الصَّلْدَةُ الَّتِي لا تُنِبْتُ شَيْئًا.
وَهُوَ جَمْعٌ، وَاحِدُهُ: صَفَاةٌ.
وَصَفَا، مِثْلُ: حَصَاةٍ وَحَصَى.
وَالْمَرْوَةُ: الْحِجَارَةُ اللَّيِّنَةُ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، " أَنَّ رَجُلا سَأَلَهُ عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِمَ سُمِّيَا بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: لأَنَّ آدَمَ لَمَّا حَجَّ رَقَا عَلَى الصَّفَا رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيَقْبَلَ تَوْبَتَهُ وَقَدْ أَصْفَاهَا، وَقَامَتِ امْرَأَتُهُ حَوَّاءُ عَلَى الْمَرْوَةِ لِيَقْبَلَ تَوْبَتَهَا ".
فَصْلٌ
وَأَمَّا السَّعْيُ بَيْنَهُمَا فَسَيَأْتِي فِي قِصَّةِ زَمْزَمَ أَنَّ هَاجَرَ سَعَتْ بَيْنَهُمَا فَكَانَ ذَلِكَ أَصْلُ السَّعْيِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي السَّعْيِ بَيْنَهُمَا: فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، أَنَّهُ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ لا يَنُوبُ عَنْهُ الدَّمُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ فَيَجِبُ بِتَرْكِهِ دَمٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ.
فَإِذَا أَرَادَ السَّعْيَ، بَدَأَ بِالصَّفَا، وَالأَفْضَلُ أَنْ يَرَقَا وَيُكَبِّرَ ثَلاثًا، وَيَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا هَدَانَا، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَلا نَعْبُدُ إِلا إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ الصَّفَا وَيَمْشِي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيلِ الأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ نَحْوَ سِتَّةٍ، فَيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا حَتَّى يُحَاذِيَ الْمِيلَيْنِ الأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَحِذَاءِ دَارِ الْعَبَّاسِ، ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَصْعَدَ الْمَرْوَةَ، وَيَفْعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute