جَعْفَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ الأَهْوَازِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مُخَالَطَةُ الْوَلِيِّ لِلنَّاسِ ذُلٌّ، وَتَفَرُّدُهُ عِزٌّ، وَقَلَّمَا رَأَيْتُ وَلِيًّا لِلَّهِ إِلا مُنْفَرِدًا، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَالِحٍ كَانَ رَجُلا لَهُ سَابِقَةٌ جَلِيلَةٌ، وَكَانَ يَفِرُّ مِنَ النَّاسِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَطَالَ مُقَامُهُ بِهَا، فَقُلْتُ لَهُ: لَقَدْ طَالَ مُقَامُكَ بِهَا.
فَقَالَ لِي: لِمَ لا أُقِيمُ بِهَا وَلَمْ أَرَ بَلَدًا تَنْزِلُ فِيهَا الرَّحْمَةُ وَالْبَرَكَةُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ؟ وَالْمَلائِكَةُ تَغْدُو فِيهِ وَتَرُوحُ، وَإِنِّي أَرَى فِيهِ أَعَاجِيبَ كَثِيرَةً: أَرَى الْمَلائِكَةَ يَطُوفُونَ بِهِ عَلَى صُوَرٍ لا يَقْطَعُونَ ذَلِكَ، وَلَوْ قُلْتُ لَكَ كُلَّ مَا رَأَيْتُ لَصَغُرَتْ عَنْهُ عُقُولُ قَوْمٍ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ.
فَقُلْتُ لَهُ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ إِلا أَخْبَرْتَنِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: مَا مِنْ وَلِيٍّ لِلَّهِ تَعَالَى صَحَّتْ وِلايَتُهُ إِلا وَهُوَ يَحْضُرُ هَذَا الْبَلَدَ كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ، لا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، فَمُقَامِي هَاهُنَا لأَجْلِ مَنْ أَرَاهُ مِنْهُمْ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلا يُقَالُ لَهُ: مَالِكُ بْنُ الْقَاسِمِ، جَبَلِيٌّ، وَقَدْ جَاءَ وَيَدُهُ غَمِرَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ قَرِيبُ عَهْدٍ بِأَكْلٍ؟ فَقَالَ لِي: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ فَإِنِّي مُنْذُ أُسْبُوعٍ لَمْ آكُلْ، وَلَكِنْ أَطْعَمْتُ وَالِدَتِي وَأَسْرَعْتُ لأَلْحَقَ صَلاةَ الْفَجْرِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ سَبْعُ مِائَةِ فَرْسَخٍ، فَهَلْ أَنْتَ مُؤْمِنٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرَانِي مُؤْمَنًا مُوقِنًا وَفِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ: جَاءَ وَيَدُهُ غَمِرَةٌ، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ اللَّحْمِ خَاصَّةً
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، أَنْبَأنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرَقَنْدِيُّ، أَنْبَأنَا عَبْدُ الْغَافِرِ، حَدَّثَنَا الْخَطَّابِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَرَ، حَدَّثَنَا ثَعْلَبٌ، عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ: يَدِي مِنَ اللَّحْمِ غَمِرَةٌ، وَمِنَ الْوَحْلِ لَثِقَةٌ، وَمِنَ السَّمَكِ صَمِرَةٌ، وَمِنَ اللَّبَنِ وَالزُّبْدِ شَتِرَةٌ، وَمِنَ الْعَجِينِ وَرِخَةٌ، وَمِنَ الدَّمِ سَلِطَةٌ وَطَلِسَةٌ، وَمِنَ الثَّرِيدِ مَرِدَةٌ، وَمِنَ الْحَمَأَةِ رَدِغَةٌ، وَمِنَ الأَشْنَانِ قَضِضَةٌ، وَمِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute