عَزَمَ لِي الْخُرُوجَ إِلَيْهِ، فَأَدْلَجْتُ فَلَقِيتُ خَالَدَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَاصْطَحَبْنَا، فَلَقِينَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَاصْطَحَبْنَا، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَبَايَعْتُهُ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، قَالَ: «يَا عُثْمَانُ ائْتِ بِالْمِفْتَاحِ» ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَأَخَذَهُ مِنِّي، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: «خُذُوهَا يَا بَنِي طَلْحَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً، لا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إِلا ظَالِمٌ» .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " لَمَّا طَلَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِفْتَاحَ مِنْ عُثْمَانَ، فَهَمَّ أَنْ يُنَاوِلَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، اجْمَعْهُ لِي مَعَ السِّقَايَةِ، فَكَفَّ عُثْمَانُ يَدَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَاتِ الْمِفْتَاحِ، فَأَعَادَ الْعَبَّاسُ قَوْلَهُ، وَكَفَّ عُثْمَانُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرِنِي الْمِفْتَاحَ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ".
فَقَالَ: هَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَمَانَةِ اللَّهِ، فَأَخَذَ الْمِفْتَاحَ، وَفَتَحَ الْبَيْتَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عُثْمَانُ يَلِيَ فَتْحَ الْبَيْتِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، فَدَفَعَ ذَلِكَ إِلَى شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ، فَبَقِيَتِ الْحِجَابَةُ فِي وَلَدِ شَيْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute