للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابنُ أبي الدنيا بإسنادِه، عن سلم العلويِّ، قال: كنا عند أنسٍ.

فقال رجل: إنها لمخيلة للمطرِ، فقال أنس: إنها لربِّها لمطيعةٌ.

يشير أنسٌ إلى أنه لا يضافُ المطرُ إلى السحابِ، بلْ إلى أمرِ اللهِ ومشيئته.

وذكر ابنُ عبدِ البرِّ، عن الحسنِ، أنه سمعَ رجلاً يقول: طلع سهيلٌ، وبردَ

الليلُ، فكره ذلكَ، وقال: إن سهيلاً لم يأت قطُّ بِحَرٍّ ولا بردٍ.

قال: وكره مالكٌ أن يقول الرجلُ للغيم والسحابة: ما أخلقَها للمطرِ.

قال: وهذا يدل على أن القومَ احتاطُوا، فمنعوا الناسَ منَ الكلامِ بما فيه

أدنى متعلَّق مِن كلامِ الجاهليةِ في قولِهم: مُطرنا بنوءِ كذا وكذا. انتهى.

واختلف الناسُ في قول القائل: "مُطِرنْا بنوْءِ كذا وكذا" مِن غيرِ اعتقادِ

أهلِ الجاهليةِ: هو هو مكرُوه، أو محرَّمٌ؟

فقالت طائفةٌ: هو محرمٌ، وهو قول أكثرِ أصحابِنا، والنصوصُ تدل عليه.

كما تقدم.

وقال طائفة: هل مكرُوه، وهو قول الشافعيِّ وأصحابِه، وبعضِ أصحابِنا.

فأما إن قال: "مُطِرْنا في نوْء كذا وكذا"، ففيه لأصحابنا وجهان:

أحدهما: أنه يجوزُ، كقوله: "في وقت كذا وكذا"، وهو قولُ القاضِي أبي

يعلَى وغيرِه.

ورُوي عن عمرَ - رضي الله عنه -، أنه قالَ للعباسِ - رضي الله عنه -، وهو يستسقِي: يا عباسُ، كم بقيَ مِن نوْءِ الثرَيَّا؟

فقال: يا أميرَ المؤمنين، إن أهلَ العلم بها يزعمونَ أنها

تعترض بالأفقِ بعدَ وُقُوعِهَا سبعًا، فما مضتْ تلك السبعُ حتى أغيثَ الناسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>