والتكدرِ وقسوةِ القلبِ وظلمتِهِ وبعدِهِ عن الربِّ - عزَّ وجلَّ - وعن مواهبِهِ
السَّنيَّةِ الخاصةِ بأهلِ التقوى.
كما ذكر ابنُ أبي الدنيا بإسنادِه عن علي - رضي الله عنه - قال:
"جزاءُ المعصيةِ الوهنُ في العبادةِ، والضيقُ في المعيشةِ، والتعسُ في اللذةِ.
قيل: وما التعسُ في اللذةِ؟
قال: لا ينال شهوةً حلالاً، إلا جاءَه ما يبغِّضُهُ إيَّاها".
وعن الحسنِ قال: "العملُ بالحسنةِ نورٌ في القلبِ وقوةٌ في البدنِ، والعملُ
بالسيئةِ ظلمةٌ في القلبِ ووهن في البدن ".
وروى ابن المنادِي وغيرُهُ عن الحسنِ، قال: "إن للحسنةِ ثوابًا فى الدنيا
وثوابًا في الآخرةِ، وإنَّ للسيئة ثوابًا في الدنيا، وثوابًا في الآخرةِ، فثوابُ
الحسنةِ في الدنيا البصرُ في الدِّين، والنورُ في القلبِ، والقوةُ في البدنِ مع
صحبةٍ حسنةٍ جميلةٍ، وثوابُها في الآخرةِ رضوانُ اللَّه عزَّ وجلَّ وثوابُ السيئةِ
في الدنيا العمَى في الدنيا، والظلمةُ في القلبِ، والوهنُ في البدنِ مع
عقوباتٍ ونقماتٍ، وثوابُها في الآخرةِ سخطُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ والنارُ".
وروى ابنُ أبي الدنيا بإسنادِهِ عن مالكِ بن دينارٍ، قال:
"إن للَّهِ عقوبات فتعاهدُوهنَّ من أنفسكم في القلوبِ والأبدانِ: ضنكٌ في المعيشةِ، ووهن فى العبادةِ، وسخطٌ في الرزقِ ".
وعنه أنه قال: "ما ضُرِبَ عبدٌ بعقوبةٍ أعظمُ من قسوةِ القلبِ ".
ومثلُ هذا كثيرٌ جدًّا، وحاصلُ الأمر ما قاله قتادةُ وغيرُهُ من السلفِ: "إن
اللَّهَ لم يأمرْ العبادَ بما أمرَهُم به لحاجتِهِ إليه، ولا نهاهُم عمَّا نهاهُم عنه بخلاً
به، بل أمرهُم بما فيه صلاحُهم، ونهاهُم عمَّا فيه فسادُهُم، وهذا هو الذي