للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المواضع لكان أولى وأحرى، والله تعالى أعلم.

٦٩ ـ تفسيره حديث: «لولا بنو إسرائيل لم يَخْنَز اللَّحم» والنظر فيه:

ذكر النووي ـ رحمه لله ـ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام، ولم يَخْنَزْ (١) اللَّحم (٢) ثم فسره بقوله: «قال العلماء: معناه أن بني إسرائيل لمّا أنزل الله عليهم المنّ والسَّلوى نهوا عن ادخارهما، فادخروا ففسد وأنْتَن، واستمر من ذلك الوقت» (٣)!!

«قال الباحث»: في هذا التفسير نظر، لأن مقتضاه أن اللحوم والأطعمة قد تغيّرت طبيعة خلقتها بسبب بني إسرائيل، فكانت قبل وجودهم لا تتغير ولا تتعفَّن، حتى وإن تركت زمناً طويلاً، ثم أصبحت تتغير وتتعفَّن بعد ذلك!!

وفي هذا نظرٌ، لأن الأصل أن الله ئى جعل لهذا الكون وما فيه سنناً ثابتة منذ خلقه، بما فيها فساد اللحم وتعفنه إن ترك زمناً طويلاً.

لذلك كان الأصوب في تفسير الحديث أن يقال: إن بني إسرائيل هم أول من سنّ إمساك الطعام وحبسه عن مستحقيه، حتى صار يفسد ويتغيّر،


(١) خَنِز معناه: أنتن وتغيّر، كما في غريب الحديث، للقاسم بن سلام (٣/ ١٦٦)، وغريب الحديث لإبراهيم الحربي (٣/ ١٠٣٦).
(٢) جزء من حديث أخرجه مسلم في «صحيحه»، كتاب الرضاع، باب لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر (٢/ ١٠٩٢)، (حديث: ١٤٧٠).
(٣) «شرح النووي على صحيح مسلم» (١٠/ ٥٩).

<<  <   >  >>