للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلام؛ إذ ليس أحد صلى على النبى صلى الله عليه وسلّم في صلاته إلا وهو يصلى على إبراهيم عليه السلام. وعن الإمام مالك بن أنس- رحمه الله- أنه قال: لا بأس أن يحب الرجل أن يثنى عليه صالحا وأن يرى في عمل الصالحين إذا قصد به وجه الله تعالى «١» . وقال تعالى ممتنا على نبيه وكليمه موسى عليه السلام: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي

«٢» . وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا

«٣» أى حبا في قلوب عباده، وثناء حسنا، فنبه الله تعالى بقوله: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ

على استحباب اكتساب ما يورث الرجل الذكر الجميل إذ الذكر الجميل؛ هو الحياة الدائمة. وقد قال حاتم الطائى وهو: أبو سفانة حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الجواد المشهور من أبيات:

أماوى إن المال غاد ورائح ... ويبقى من المال الأحاديث

وقال آخر:

ثمن الإحسان شكر ... ويرى المعروف ذخر

وثناء الحى بعد ال ... موت للميت عمر

وقال آخر»

:

قد مات قوم وهم في الناس أحياء

ويقال: ذكر الفتى عمره الثانى «٥» . ولعمرى إن الزمان الذى يثنى فيه على الميت بعد موته أحسن عمريه وأطولهما وأشرفهما، وقد قيل في هذا المعنى:

ردت صنائعه إليه حياته ... فكأنه من نشرها منشور

وقد قيل أيضا:

كل الأمور تزول عنك وتنقضى ... إلا الثناء فإنه لك باق

ولو اننى خيرت كل فضيلة ... ما اخترت غير مكارم الأخلاق

<<  <   >  >>