للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جائزة في الجملة يريدون بذلك أنها تجوز في بعض الأحيان؛ وذلك لأن تصرفات الصبي المميز تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: أن تكون تصرفات نافعة نفعا محضا للصبي، وهذه جائزة ولو خالف ولي الصبي كالاصطياد، وقبول الهدية، وقبول الوصية؛ لأن ذلك نفع تام للصبي.

الثاني: أن تكون تصرفات ضارة ضررا محضا بالصبي، وهذه غير جائزة ولو أجازها الولي، كالطلاق، وأن يهب هو لغيره شيئًا ماليا، أو يتصدق بشيء أو يقرض غيره أو يكفل مدينا لغيره، فهذه التصرفات وأمثالها لا تنفذ ولو أجازها وليه؛ لأنها تصرفات تؤدي إلى إلحاق الضرر المحض بالصبي.

الثالث: أن تكون تصرفات مترددة بين النفع والضرر، وهو كل تصرف يحتمل أن يحقق نفعا للصبي ويحتمل في نفس الوقت أن يؤدي إلى خسارته، فهذه تكون صحيحة لكنها متوقفة على إجازة الولي، وذلك كالبيع والشراء، والإجارة، والزواج والمزارعة، والمساقاة، وسائر الشركات وما ماثل ذلك.

فإذا قال العلماء إن تصرفات الصبي المميز جائزة في الجملة فإنهم يريدون أنها في بعض الحالات تكون جائزة، فلعل مراد الكاساني -كما قلنا قريبا- من عبارة "وأما الذكورة فليست من شرط جواز التقليد في الجملة"، أن الذكورة ليست شرطا في كل ما يتصل بمسألة قضاء المرأة؛ لأنها لا تشترط في صحة حكمها في الأمور التي يجوز لها أن تشهد فيها.

لكن العبارة بهذا الشكل من الكاساني توهم بحسب فهم ظاهرها أن المرأة يجوز توليتها القضاء في غير قضايا الحدود والدماء، وخاصة وأن الكاساني يقول: "فليست من شرط جواز التقليد" ولو قال: فليست من شرط قضاء المرأة في الجملة، لكانت أقرب إلى ما يراه الحنفية، ولنواصل القراءة في كتب الحنفية لنجد أن بعض عباراتهم يوهم ظاهرها جواز تقليد المرأة القضاء في كل شيء, إلا في

<<  <   >  >>