تبين كتب الأدب أنه كان في الجاهلية من يسمون بالحكام, الذين يفصلون بين الناس في الخلافات والمنازعات التي كانت تحدث بينهم في مسائل النسب، والفضل، والتركات، والدماء، ولم يكن هؤلاء -كما قد يظن البعض- قضاة بالمعنى المفهوم للقضاة اليوم، بل كانوا "محكمين" يقصدهم الناس برضاهم دون إجبار من أحد.
أمور يختلف فيها القضاء والتحكيم:
والقضاء والتحكيم يختلفان في أمور من أهمها:
أولا: أن القاضي موظف خصصته الدولة ليقضي بين الناس, وليس له الحق في أن يرفض النظر في الخصومات، أما الحكم أو "المحكم" فهو شخص عادي ليس له صفة رسمية، يلجأ إليه الناس للفصل في منازعاتهم, فإن شاء قبل أن يقوم بهذه المهمة، وإن شاء أبى، وليس لأحد حق إجباره على هذه المهمة.
ثانيًا: أن المدعي أو صاحب الحق إذا رفع دعواه إلى القاضي فإنه يصبح المدعى عليه ملزمًا بمخاصمة المدعي والحضور إلى مجلس القاضي، فإذا لم يحضر حكم القاضي عليه غيابيا، أما التحكيم فليس لأحد الخصمين حق في إجبار خصمه على المخاصمة والحضور أمام الحكم، ولا عبرة للتحكيم إلا إذا رضي الخصمان كلاهما به, وحضر كل منهما باختياره إلى الحكم.