للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: أصول في القضاء]

[الأصل الأول: العدل بين الخصمين]

...

[الفصل الرابع: أصول في القضاء]

سنتكلم بمشيئة الله تعالى في هذا الفصل عن عدة أمور تعد أصولا في القضاء، بعضها متفق عليه بين العلماء، وبعضها مختلف فيه، وسنبين الاختلاف إن وجدناه في شيء من هذه الأصول، مدللين لأراء علمائنا -رضي الله تعالى عنهم- مرجحين بمشيئة الله تعالى ما نراه مستحقا للترجيح.

وإليك الكلام عن هذه الأصول:

[الأصل الأول: العدل بين الخصمين]

القاضي مأمور بالعدل والإنصاف بين المتحاكمين، فيسوي بينهما في الإذن بالدخول عليه معا، ولا يدخل أحدهما قبل الآخر ويرى بعض العلماء أن التسوية بينهما مستحبة في دخولهما عليه، وإقباله عليهما، واستماعه منهما، ويرى ابن أبي الدم الفقيه الشافعي أن ذلك واجب عليه، ويرى كراهية القيام لهما جميعا، قال: فإنه قد يكون أحدهما شريفا، والآخر وضيعا، فإذا قام لهما علم الوضيع أن قيامه للشريف، وكذلك يعلمه الشريف فيزداد تيها ويزداد الوضيع كسرا، وترك القيام لهما أقرب إلى العدل، وأنفى للتهم١.

وقال ابن قدامة الفقيه الحنبلي المعروف: على القاضي العدل بين الخصمين في كل شيء، من المجلس والخطاب واللحظ واللفظ والدخول عليه، والالتفات إليهما، والاستماع منهما، وهذا قول شريح، وأبي حنيفة، والشافعي، ولا أعلم فيه مخالفا٢.

وصرح بعض العلماء بوجوب التسوية بين الخصمين في القيام والجلوس، والكلام، والاستماع، والنظر لهما حتى لو كان أحدهما مسلما شريفا والآخر كافرا، لكن بعضا آخر من العلماء يرى جواز رفع المسلم على الذمي٣.


١ أدب القضاء، لإبراهيم بن عبد الله الهمداني الحموي المعروف بابن أبي الدم، ج١، ص٣٥٣، تحقيق ودراسة الدكتور محيي هلال السرحان.
٢ المغني، ج١١، ص٤٤١.
٣ الغاية القصوى في دراية الفتوى، لعبد الله بن عمر البيضاوي، تحقيق علي محيي الدين علي القره داغي، ج٢، ص١٠٠٩، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج٤، ص١٤٢.

<<  <   >  >>