للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الدائرة القضائية للقضاة أيام الخلفاء الراشدين]

يظهر -كما يرى بعض الباحثين- أن الدائرة القضائية كانت ضيقة للقضاة في أيام الخلفاء الراشدين، فلم يكن من اختصاصهم الحكم إلا في الخصومات المدنية، وأما القصاص والحدود -وهي العقوبات التي حددها الشرع، كعقوبة الزنا والسرقة وشرب الخمر- فلم تكن من اختصاصهم، بل كانت من اختصاص الخلفاء، وولاة الأمصار، وهذا يدل على أهمية قضايا القصاص والحدود, وأنه ليس لأي إنسان أن يحكم فيها, بل لا بد من الاحتياط الشديد فيمن يتولى الفصل في هذه القضايا، يؤيد هذا أن المصادر تنقل لنا قضايا حكم فيها الخلفاء والأمراء بالقتل قصاصا، أو حكموا فيها بجلد السكران، ولم تنقل المصادر أن قاضيا ليس أميرا على إقليم قضى بعقوبة من هذه العقوبات أو قام بتنفيذها.

وكذلك كانت العقوبات التأديبية مثل الحبس لا يأمر بها القاضي, بل يأمر بها الخليفة أو عامله.

وانتهى عصر الخلفاء الراشدين على هذا، فلما كان عصر معاوية بن أبي سفيان، كتب إلى قاضي مصر سليم بن عتر يأمره بالنظر في الجراح، وأن يرفع ذلك إلى صاحب الديوان، فيكون سليم بن عتر هذا أول من نظر في قضايا الجنايات، وحكم فيها١.


١ تاريخ القضاء في الإسلام، لمحمود بن محمد بن عرنوس، ص٢٥، ٢٦.

<<  <   >  >>