للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأصل السادس: لا يقضي القاضي لنفسه ولمن لا تقبل شهادته له]

صرح العلماء بأن لا يجوز للقاضي أن يحكم لنفسه، كما لا يجوز أن يشهد لنفسه، وحكم الحاكم لنفسه من خصائص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه معصوم من الهوى والغرض، وبين العلماء أنه يجوز للقاضي أن يعزر من أساء الأدب عليه فيما يتعلق بأحكامه التي حكم بها، كأن يقول له: حكمت بالجور، وما ماثل هذا.

وإذا عرضت حكومة لوالديه، أو لأحد أولاده، أو من لا يقبل شهادته له ففيه رأيان:

أحدهما: لا يجوز له أن يحكم فيها بنفسه، وإن حكم لم ينفذ حكمه، وهذا ما يراه أبو حنيفة والشافعي والمالكية وبعض فقهاء الحنابلة؛ لأنه لا تقبل شهادته له فلم ينفذ حكمه، كما لا ينفذ الحكم لنفسه.

الرأي الثاني: ينفذ حكمه، وهو رأي بعض فقهاء الحنابلة، وأبى يوسف صاحب أبي حنيفة، وابن المنذر، والمزني، وأبي ثور لأنه حكم لغيره أشبه الحكم للأجانب١، قال الشيرازي: "وهذا خطأ؛ لأنه متهم في الحكم كما يتهم في الحكم نفسه"٢.

لو كانت الخصومة بين والديه أو ولديه، أو والده وولده:

للعلماء رأيان في هذه المسألة:

أحدهما: لا يجوز له الحكم بينهما، وهو ما يراه بعض فقهاء الحنابلة، وأحد رأيين محتملين في فقه الشافعية، وقد علل لهذا الرأي، بأنه لا تقبل شهادته لأحدهما على الآخر فلم يجز الحكم بينهما قياسا على الشهادة.

الرأي الثاني: يجوز له الحكم بينهما وهو كما يراه بعض فقهاء الشافعية وبعض فقهاء الحنابلة، وقد علل لهذا الرأي بأن الخصمين عنده سواء فارتفعت تهمة الميل إلى أحدهما فأشبها الأجنبيين٣.


١ مغني المحتاج، ج٤، ص٣٩٧، والمغني، ج١١، ص٤٠٤.
٢ المغني، ج١١، ص٤٨٣، والشرح الصغير، ج٥، ص١٩، ومغني المحتاج، ج٤، ص٣٩٣، واللباب في شرح الكتاب لعبد الغني الغنيمي، ج٤، ص٩٠، مطبعة المدني، وأدب القضاء لابن أبي الدم، ج١، ص٤٠٤، والروض المربع بحاشيته، ج٣، ص٣٩١.
٣ المغني، ج١، ص٤٨٣، والمهذب للشيرازي، ج٢، ص٢٩٢.

<<  <   >  >>