في بعض الأحيان لا يلجأ الخصمان إلى القاضي للفصل بينهما، وإنما يلجآن إلى شخص لا يتولى منصب القضاء، فيحكمانه بينهما، إما لبعدهما عن مكان القاضي، أو اختصارا لإجراءات التقاضي، أو لأي غرض آخر، وهذا هو الحَكَم أو المحكم.
وقد كان التحكيم معروفا في الجاهلية قبل مجيء الإسلام، ورتبة الحكم أو المحكم أقل من رتبة القاضي لعدة أمور.
أحدها: أن حكم المحكم يقتصر على من يرضى بحكمه عند فريق من العلماء.
الثاني: أن القاضي يقضي في أمور ليس من حق المحكم أن يحكم فيها، كالقصاص والحدود عند فريق من العلماء أيضًا، فحكم المحكم ليس مطلقا في كل قضية كالقاضي عند بعض العلماء.
الثالث: عموم ولاية القاضي، فيتعدى الحكم الصادر عنه، إلى غير المتخاصمين، كما في القتل الخطأ وما ماثل هذا، بخلاف المحكم.
هل التحكيم مشروع؟
يرى الحنفية والمالكية والحنابلة جواز التحكيم١. وأما الشافعية فقد اختلفت الآراء في فقههم، وأقوى الآراء عندهم جواز التحكيم، وهذا كما يفهم من كتبهم, قول قوي للشافعي رضي الله تعالى عنه، وقد نقلوا قولا آخر للشافعي بعدم