وسائل الإثبات متعددة, بعضها متفق عليه بين العلماء، وبعضها مختلف فيه، وسنتكلم -إن شاء الله تعالى- عن هذه الوسائل، مبينين آراء العلماء في الوسائل المختلف فيها، وما تستند إليه هذه الآراء. ونرجح ما نراه مستحقا للترجيح إن ظهر لنا وجه للترجيح.
هل وسائل الإثبات محصورة في عدد معين؟
وقبل أن نتكلم عن هذه الوسائل نحب أن نبين أن بعض العلماء يحصر طرق القضاء، أي: الأدلة المثبتة للدعوى أو الحجج الشرعية، في عدد معين وهم جمهور العلماء، والبعض الآخر -كابن القيم- يرى أن أدلة إثبات الدعوى ليست محصورة في عدد معين.
ومع أن الجمهور يرون أن أدلة إثبات الدعوى محصورة فإنهم مختلفون في العدد الذي تنحصر فيه هذه الأدلة، فبعضهم حصرها في سبع، وهي البينة والإقرار واليمين، والنكول عن اليمين، والقسامة، وعلم القاضي، والقرينة القاطعة، وأدرجوا فيها القيافة, ومنهم من حصرها في ست، وهي البينة، والإقرار، واليمين والنكول عن اليمين، والقسامة، وعلم القاضي، ولا يرى هذا البعض أن القرينة القاطعة تعد وسيلة من وسائل الإثبات، نظرا لما فيها من احتمال عدم الدلالة.
ومن العلماء من حصرها في ثلاث، وهي البينة، واليمين، والنكول عن اليمين، ولم يعدوا الإقرار في الأدلة المثبتة للدعوى، ملاحظين أن الإقرار موجب للحق نفسه، وليس طريقا للحكم؛ لأن الحكم فصل الخصومة، ولا توجد خصومة