مع وجود الإقرار، وكذلك لم يعدوا القسامة طريقا بين طرق القضاء أي: دليلا مثبتا للدعوى، لأنها تدخل في اليمين؛ لأن القسامة ما هي إلا أيمان كما سيتبين بعد ذلك فيما سيأتي عند الكلام عنها، ولم يعدوا كذلك علم القاضي ترجيحا لسمعته، ونفيا للتهمة عنه، التي يمكن أن تلحق به إذا حكم في إحدى القضايا بعلمه، وكذلك لم يعدوا القرائن لما فيها من احتمال عدم الدلالة.
ومن العلماء من عدها خمسة عشر ومنهم من عدها سبعة عشر.
أصحاب الرأي المقابل للجمهور:
وأما أصحاب الرأي المقابل لرأي الجمهور فمن أشهرهم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، فهؤلاء لا يرون انحصار طرق القضاء في عدد معين، فكل أمر يترجح عند القاضي أنه دليل على إثبات الحق يعد طريقا من طرق الحكم وعليه أن يحكم به. يقول ابن القيم:"إذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان فثم وجه الله ودينه، فأي طريق استخرج به العدل والقسط فهو من الدين وليس مخالفا له"١ وإليك بيانا للوسائل التي نراها مثبتة للحقوق.
١ الطرق الحكمية لابن القيم، ص١٦، وتبصرة الحكام، ج١، ص٢٠٤، ومحاضرات في علم القاضي، والقرائن، والنكول عن اليمين، والقيافة لأستاذنا الدكتور عبد العال عطوة، ص١، ٢ مكتوبة بالآلة الكاتبة.